تنفّسوا الصعداء. «بلاطة وانزاحت عن صدورهم» كما يقول المثَل اللبناني السائر. كانوا يعملون ألف حساب لما ينتظرهم من «مسيو» جان – إيف لو دريان. حسابات في العقوبات، في المضي بالتأنيبات بفصلها الثالث باعتبار أن الفصل الأول كان على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي جمعهم في قصر الصنوبر وشنّف آذانهم بمعزوفة لا نظن أن رئيساً أسمعها الى قوم منذ أيام الحجّاج بن يوسف الثقفي. والفصل الثاني تفضلت به، من القصر ذاته، سفيرته المصون في «خطبة الوداع»، في ذكرى 14 تموز…
وأمّا الفصل الثالث فلم يُكتَب بعد، إذ إنهم تلقوا منه هدية أشبه بالمفاجأة السارة، فلا تأنيب ولا عقوبة، إنما عطلة تمتد نحواً من شهرين، حتى أواخر شهر أيلول المقبل، وبعدئذٍ يفرجها الله.
أجل أخذ القوم عندنا نفَساً عميقاً، ومن الآن حتى أواخر أيلول «يا بيموت الحمار يا بيموت الحاكم يا بيموت جحا»، أو على الأصح يكون الموفد الرئاسي الفرنسي قد انتقل الى وظيفته الجديدة في المملكة العربية السعودية.
صديقي الديبلوماسي الأوروبي الغربي، عاشق لبنان، استمع أمس الى رأيي كما أوردته أعلاه في العطلة التي أعطاها رسول ماكرون للجماعة السياسية اللبنانية فعلّق قائلاً: لقد أصبتَ نصف الحقيقة، أما النصف الآخر فهو أن العطلة يحتاجها الجانب الفرنسي أكثر من القوم عندكم. سألته: لماذا؟ أجابني: لأن الرئيس ماكرون وصل الى حائط مسدود، وأدرك (متأخراً) الحقيقة المُرة وهي أن واشنطن غير مرتاحة الى مبادرته من منطلَقين أولهما مضمونها وثانيهما الدور الفرنسي، فهي غير مرتاحة الى المضمون بقدْر ما يزعجها الدور الفرنسي في بلدكم الذي تَعِدُ أعماق أرضه تحت مياهكم الاقتصادية بثروات هائلة. وأضاف: كما أدرك، متأخّراً كذلك، أنه فسّر خطأً قول المملكة العربية السعودية أنها لا تتدخل في الاستحقاق الرئاسي اللبناني. صحيح أنها لا تسمّي مرشحاً بعينه، ولكنها لا تقبل بترشيح لا ترتاح الى مصدره(…).
ومضى قائلاً: والضلعان الرابعة والخامسة من «الخماسية» (القاهرة والدوحة) هما أيضاً لم تتحمسا لمبادرة نزيل قصر «الإليزيه».
وختم: وعليه لستم وحدكم في المأزق فالرئيس ماكرون ومبادرته المترنحة هما أيضاً مأزومان وهو بالتالي بحاجة ماسّة الى عطلة/ فرصة يلتقط خلالها أنفاسه.