مع ان المبادرة الفرنسية تنحّت في شكل نهائي لمصلحة القطرية التي تعمل في الظل حتى الساعة، يصر الثنائي “امل” – حزب الله على اعتبار حصانه رابحاً، واسهم مرشحه سليمان فرنجية مرتفعة، فهو يعمل على تحسين اوراقه، مع دخول الشغور عامه الاول بعد نحو شهر ، مستفيدا من فشل الخارج حتى الآن في تحقيق خرق في جدار الازمة، رغم ان المحاولات هذه تقترب من نهايتها مع ملامسة الامن خطه الاحمر، استنادا الى معطيات الميدان ومواقف الخارج التحذيرية.
وفي دليل اضافي على التعقيدات المتوالدة، قرر “بيك” المختارة الهجوم بالنيابة عن “استيذ” عين التينة، فاتحا النار على جبهتي “التيار الوطني الحرّ” و”القواتِ اللبنانيّة” محملا إياهما مسؤولية إجهاض فرصةِ الحوار وما يترتّب عن ذلك، خصوصا ان اجواء غير مريحة وصلت الى بيروت، مفادها ان الموفد الفرنسي لودريان عدّل مبادرته الحوارية لتتلاءم وطلب المعارضة، نزولا عند الضغط الاميركي الذي اصر على فرض عقوبات على المعرقلين، ما فجر “اللقاء الخماسي”.
معطيات تتلاقى ومعطيات مرجع سياسي، وفقا لزواره، اذ يبدي نظرة تشاؤمية حيال الاوضاع الراهنة، واستحقاق رئاسة الجمهورية ، وصولا الى حدود ابداء مخاوفه من اندلاع “ميني حرب”، في محاولة للهروب الى الامام، مع انسداد كافة الافق، حيث باتت المعادلة واضحة في ظل تعثر ايجاد الصيغة التي تسمح بدفع السعر اللازم للتنازل عن ترشيح بيك زغرتا.
في غضون ذلك، وفي محاولة لرأب الصدع والهوة، زار لودريان الرياض، التي وصلها السفير البخاري على عجل، في اطار جولة ستقوده الى واشنطن قبل العودة الى بيروت، في انتظار مغادرة الوفد القطري، الذي تردد انه سيحمل معه اسما جديدا، من ابرز مواصفاته انه “اقتصادي”، لا سيما مع تشدد الافرقاء اللبنانيين، واستمرار نزاعاتهم على الاسم والبرنامج، وشكل الحكم والحكومة، وخريطة الطريق التي تمر باللامركزية الادارية والصندوق الائتماني.
مصادر ديبلوماسية اشارت الى ان استمرار الصراع الداخلي والدوران في حلقة مفرغة، لن ينهي الشغور في بعبدا الا عبر رئيس بقوة الدفع الدولي والعربي، وهو ما كلفت به قطر استنادا الى مؤشرين اساسيين:
– الاول: اسقاط المعارضة لمبادرة رئيس مجلس النواب، وبالتالي لطرح محور الممانعة والمقاومة، والتي “اخدت بطريقها” طاولة لودريان الحوارية، ما دفع بخماسية باريس الى القفز فوق مهلة الايام السبع، والذهاب نحو لقاءات على هامش جلسات الانتخاب، وهو امر لا يمكن التكهن بمدى قابلية الثنائي للسير فيه، رغم ان ردود الفعل الاولية تذهب نحو التشدد.
– الثاني: حصر الجانب الفرنسي اتصالاته بالاطراف الخارجية، مجمدا كل قنوات اتصاله الداخلية بالاطراف اللبنانية المختلفة، بعدما ابلغ المسؤولين رسالة تحذير عالية اللهجة. فاذا كان من المبكر التكهن بنتائج اللقاء الفرنسي – السعودي، فمن الواضح ان دعوة جان ايف لودريان قدمت دليلا دامغا الى التراجع الفرنسي عن دعم رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، لكن لمصلحة بديل غير واضح المعالم بعد، في موازاة التكتم الشديد الذي يحيط بالمسعى القطري.
– الثالث: المعلومات عن لقاء قطري – ايراني خصص للبحث في الملف اللبناني وايجاد صيغة مقبولة، تعرض على القمة السعودية – الايرانية المتوقعة خلال الاسابيع المقبلة، والتي ستثبت التقدم الحاصل بين الطرفين.
اذا مفهوم “المرشح الثالث” مدار تباين في لبنان. فمن هو المرشح الثالث الذي تبحث عنه الدول المعنية بلبنان، والذي تختلف على تحديد هويته القوى السياسية اللبنانية؟ الاسئلة المطروحة في هذا السياق كثيرة ابرزها : هل سيقوم لودريان حقا بزيارته الرابعة ، ام سيفضل عدم العودة طالما ان المبادرة الفرنسية انتهت؟ وهل تتمكن قطر من احداث الخرق المنشود، ام ان مبادرتها ستلقى نفس مصير المبادرة الفرنسية؟
كل هذا يجري فيما تتضح يوما بعد يوم فصول المؤامرة الكيانية التي يتعرض لها لبنان.