اقاويل كثيرة ترددت حول دعم واشنطن للمبادرة الفرنسية التي طرحها وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه،الذي زار لبنان مؤخرا، البعض اعتبرها منسقة مع الجانب الاميركي، ولاسيما انها تأتي بعد زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان إلى واشنطن مؤخرا ولقائه مع المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين،الذي تسلم منذ مدة ملف حل مشاكل الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل وضم اليها، ملف الاستحقاق الرئاسي، البعض يعتبر ان المبادرة الفرنسية قريبة إلى حد التشابه مع المبادرة الاميركية، باعتبار الالتزام بتنفيذ القرار الدولي رقم ١٧٠١، المرتكز الاساس في التوصل للاتفاق المنشود بين لبنان وإسرائيل، ما عدا تفاوت محدود في تحديد مسافة انسحاب حزب الله عن مواقعه الحالية على الحدود، وتفاصيل عن مهمات قوات اليونيفيل،خلافا لما هو وارد في الطرح الاميركي.
وباقي ما تبقَّى من نقاط وطروحات متشابهة، لأول وهلة لدى تسليم المبادرة الفرنسية إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري لكي يدرسها ويسلمها بعد ذلك لحزب الله،باعتباره المعني مباشرة بها،وصفت بالايجابية والبنَّاءة، بعدها بأيام معدودة، بدأت الانتقادات والاعتراضات عليها تتوالى في وسائل الإعلام، حتى قيل ان معظم نقاطها، لا تصلح لكي تكون أساسا لأي حل مرتقب لمشكلة المواجهة العسكرية بين حزب الله وإسرائيل، والتوصل إلى اتفاق نهائي على الحدود اللبنانية الجنوبية.
الرد النهائي لحزب الله على المبادرة الفرنسية، برغم التكتم الرسمي والديبلوماسي على مضمونه، مشوبٌ بتحفظات وملاحظات واعتراضات على تفاصيل دقيقة،لم يُكشف النقاب عنها،مايجعل الطريق امامها محفوفا بالمصاعب،وغير سالك حتى الساعة.
اكثر من ذلك، المفاجأة ان الجانب الاسرائيلي، كما ورد في رد الحكومة الإسرائيلية، على المبادرة الفرنسية، استنادا لمصادر ديبلوماسية رفيعة، يرفض رفضا قاطعا نقاطا اساسية واردة في الورقة الفرنسية، ويعتبر الموافقة عليها بمثابة استسلام لحزب الله، وهو ما يؤشر الى تلاقي الرفض الاسرائيلي مع رفض الحزب للمبادرة الفرنسية،ويعيد حصرية التحرك الوحيد، للديبلوماسية الاميركية،التي لم تُبدِ تأييدا او رفضا للمبادرة الفرنسية حتى اليوم، بعدما كانت كلفت الموفد الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين منذ اسابيع، بمهمة التوسط لاكمال مهمته بترسيم الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، لا سيما وانه نجح في مهمته السابقة،بإنجاز اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين،بالرغم من صعوبتها وتعقيداتها،وقد قام باكثر من جولة بين لبنان وإسرائيل،وطرح افكارا عدة لانهاء المواجهة العسكرية الدائرة بين حزب الله وإسرائيل والتوصل إلى اتفاق نهائي في المنطقة الجنوبية.
يؤشر، تلاقي الرفض الاسرائيلي مع حزب الله للمبادرة الفرنسية،كل طرف على حدة، وإن كان الكلام عن هذا الفشل،مايزال مبكرا ويدور في نطاق ضيق ومحدود،الى ان الطرفين يحبذان التعاطي مع جهود ودبلوماسية الولايات المتحدة، بعد التجربة الناجحة مع هوكشتاين بترسيم الحدود البحرية، ويرغبان بضماناتها الاكثر فاعلية لمصالحهما وقدرة على التنفيذ، والنتيجة توجيه ضربة قاسية جديدة لديبلوماسية الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي اشرف بنفسه على صياغة بعض بنود المبادرة الفرنسية الحالية،وهو فشل يُضاف لسلسة من المبادرات الفاشلة في لبنان والمنطقة، بدأها بعد تفجير مرفأ بيروت قبل اربعة اعوام تقريبا،لتأليف حكومة تكنوقراط،افشلها حزب الله يومذاك،الى إيفاد موفده الخاص ايف لودريان للمساعدة في حل ازمة الانتخابات الرئاسية وصولا إلى المبادرة الحالية المتعثرة.