IMLebanon

دخول فرنسي من بوابة الجنوب: التوتير ممنوع

 

تتّخذ الأحداث في غزة طابعاً حربياً هو الأعنف منذ سنوات، ومع إعلان إسرائيل دخولها مرحلة الحرب، تُفتح الإحتمالات على مصراعيها. ولا يبدو لبنان بعيداً عن كل تلك التطورات، خصوصاً بعد الاشتباكات المحدودة التي شهدها الجنوب الاثنين الماضي. واليه تشخص الأنظار بعدما عاش مرحلة هدوء منذ نهاية حرب تموز 2006، لكنّ حرب غزة قد تبدّل التوازنات والإستراتيجيات والاتفاقات.

 

ومع توسّع رقعة إنهيار الدولة اللبنانية، لا يوجد أي ضابط للوضع جنوباً. وشكّل دخول حركة «الجهاد الإسلامي» على خطّ التسلل نحو إسرائيل إنطلاقاً من الحدود اللبنانية عاملاً قد يؤجّج الصراع، لأنّ المنطقة على فوهة بركان.

 

وإذا كانت مصالح «حزب الله» وإسرائيل تقتضي الحفاظ على الهدوء حتى هذه اللحظة، إلا أنّ تطوّر الصراع واحتمال دخول إيران فيه سيؤدّي إلى إقحام لبنان في آتون حرب لا يعرف أحد كيف تنتهي.

 

وسُجّل دخول فرنسي على خطّ الوضع في الجنوب، بعد الإشتباكات على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، إذ أجرت باريس سلسلة إتصالات من أجل لجم التوترات الحاصلة ومنع انفلاش الحرب نحو دول أخرى. وتؤكّد مصادر ديبلوماسية لـ»نداء الوطن» أنّ باريس لم تخرج من لبنان على رغم فشلها في الملف الرئاسي، والعين الفرنسية لا تزال شاخصة إلى بلد الأرز، وليست المرّة الأولى التي تفشل فيها في الملف الرئاسي.

 

وتُشدّد المصادر على وجود مصالح فرنسية في لبنان، لكنّ مسارعة دوائر الإليزيه إلى التدخّل وإجراء الإتصالات اللازمة بتوجيه مباشر من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أتت نتيجة عدّة أسباب أبرزها:

 

أولاً- السبب الأهم هو أمني بامتياز، إذ تنشر باريس نحو 700 جندي فرنسي في جنوب لبنان ضمن إطار قوات الطوارئ الدولية، وأي إشتباك بين إسرائيل و»حزب الله» قد يلحق الضرر بتلك القوات، لذلك تسارع باريس إلى محاولة لجم التوتر لئلا يقع جنودها في نيران الحرب وتتعرّض سلامتهم للخطر.

 

ثانياً- لباريس مصالح إقتصادية كبيرة في لبنان، وتعمل دوائر القرار في باريس للمحافظة عليها، فالجنوب ولبنان مقبلان على بدء التنقيب عن الغاز والنفط، ولشركة «توتال» الفرنسية حصة كبيرة في هذا الاستثمار، وأي خضة أمنية ستوقف أعمال التنقيب، لذلك تعمل باريس على منع حدوث حرب في لبنان.

 

ثالثاً- تتخوّف باريس من أن تؤدّي أي حرب إسرائيلية جديدة على لبنان إلى تدمير ما تبقّى من دولة، وعندها تصبح البلاد مشرّعة على كل الإحتمالات السيّئة، فمؤسسات الدولة مفكّكة والأزمة الإقتصادية تتعمّق والخطر على الكيان يرتفع.

 

رابعاً- تتصرّف باريس على أنها زعيمة «القارة العجوز»، وانطلاقاً من ذلك تتحرّك لكي تقوم بالوساطات اللازمة، وهذا ما حاولت القيام به بعد اشتباكات الجنوب.

 

في باريس هناك تشاؤم من وضع المنطقة، وساهم انفتاح فرنسا على «حزب الله» في المرحلة الماضية ودعمها ترشيح مرشحه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية في تقرّبها من «الحزب»، وهذا المعطى يجعل باريس قادرة على لعب دور وساطة بين إسرائيل و»الحزب» أو أقلّه يجعلها ناقلة للرسائل.

 

وتعرف باريس أنّ تل أبيب التي تلقّت أقسى ضربة منذ عشرات السنين لا تُراوغ في مسألة التهديد بالحرب وفتح الجبهات، وسيكون ردّها قاسياً سواء في غزة أو أي منطقة أخرى، لذلك تطوعت باريس لنقل التحذيرات الإسرائيلية إلى ما تبقّى من دولة لبنانية، وإلى «حزب الله» من أجل وعي خطورة المرحلة المقبلة، كما أنها تحدّثت مع طهران من أجل ضمان تحييد الساحة اللبنانية عن أي صراع جديد ستكون نتائجه مدمّرة على كل لبنان وليس الجنوب فقط.