IMLebanon

الوساطة الفرنسية وصلت إلى موقع المتحاورين سباق الضمانات والمحاذير مع الفراغ الطويل

يجهد بعض الافرقاء السياسيين في اتجاه ابقاء موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية حيأ وفي التداول قدر الممكن في ظل العجز المستمر عن انتخاب رئيس ومواكبة للضغط المعنوي الذي تستمر تمارسه الكنيسة المارونية ولئلا يعتاد اللبنانيون الفراغ الرئاسي، فضلا عن عدم الرغبة في الظهور مظهر اللامبالي باستمرار منصب الرئاسة الاولى شاغرا. مرت مبادرة الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو من دون نجاح في الداخل ما يعني، وفق مصادر معنية، ان لا حظوظ لها قريبا في الخارج الاقليمي ايضا، في الوقت الذي يرى فيه مراقبون ان مبادرة جيرو وضعت فرنسا في الموقع نفسه للمحاورين الداخليين راهنا، اي تيار المستقبل وحزب الله من جهة والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من جهة اخرى، اي في موقع المستعد لأن يواكب كل من هؤلاء الاطراف الاحتمالات حين تتاح لانتخاب رئيس وفي موقع المساهم في الاخراج المؤدي اليه. لكن هذه الاحتمالات لا تزال رهنا باستحقاقات خارجية يربطها البعض بالاتفاق النووي الايراني المحتمل في آذار المقبل، فيما يربطها البعض الآخر بموضوع الازمة السورية من دون تحديد المدى الذي يمكن ان ينتظره لبنان لذلك. فلم ينجح سفراء الدول الغربية في اقناع محدثيهم من الزعماء والمسؤولين اللبنانيين تكرارا بعدم وجود رابط بين ضرورة اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية ونتائج المفاوضات حول الملف النووي الايراني ولا يزال هذا الربط قائما لدى كثيرين ينتظرون ما ستؤول اليه هذه المفاوضات وكيف ستؤثر على لبنان. ولم يستطع هؤلاء السفراء بالنيابة عن دولهم عزل لبنان عن الازمة السورية، فباتت مؤشرات ما ستنتهي اليه هذه الازمة عاملا من العوامل التي يدخلها السياسيون في حساباتهم.

السؤال الذي يسأله اللبنانيون هو الى متى؟

هدد رئيس الوزراء تمام سلام اخيرا بانه لا يمكن الاستمرار وفق الآلية المعمول بها في مجلس الوزراء والتي تمنع اتخاذ القرارات، ما أثار تساؤلات اذا كان هناك ضغوط يمكن ان يمارسها على الافرقاء من اجل دفعهم الى تعديل ادائهم ووقف العرقلة تحت طائل فرط عقد الحكومة على رغم ان الرئيس سلام لا يقدم على خطوات غير مدروسة. لكن الازمة تراوح مكانها ايضا من دون حل، فيما يعتقد مراقبون ان الافرقاء المسيحيين الاساسيين يستقوون من اجل تبرير عدم خوفهم من ان يؤدي الفراغ في سدة الرئاسة الاولى الى ما يرشح ان يقارب السنة او ربما اكثر، في ظل غياب اي أفق ايجابي حتى الان لامكان حصول الانتخابات الرئاسية، الى نسيان أهمية هذا المركز او تأثر لبنان بالتطورات الاقليمية فتطيحه، بمنطق يستند الى أمرين: احدهما استمرار القوى السياسية الاسلامية بالمطالبة والدعوة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية على نحو يظهر انضباط غالبية القوى المؤثرة تحت سقف الهيكلية الدستورية للبنان وعدم وجود نية في اطاحتها. وتشهد على ذلك المواقف المعلنة لغالبية الافرقاء، فضلا عن خطباء المساجد ورجال الدين المسلمين الذين يشددون على هذه النقطة من دون اي تأثر بالمنحى المتطرف الذي يعم المنطقة. وهي نقطة مطمئنة بالنسبة الى هؤلاء. والامر الآخر هو عدم وجود اي اتجاه اقليمي او دولي في ظل التهديدات الجدية التي تعرضت لها الاقليات في المنطقة الى عدم ايلاء أهمية المحافظة على الكيان اللبناني كما هو، بمعنى ان المحافظة على رئاسة الجمهورية اللبنانية هي جزء من رسالة حماية الاقليات وعدم تجرؤ اي محور اقليمي على المس بذلك او الايحاء بوجود اي نية في هذا الاتجاه، خصوصا في ضوء ما حدث في العراق وفي سوريا وقبلهما في فلسطين وبعد التهديد الذي شكله تنظيم الدولة الاسلامية للايزيديين وسواهم اخيرا.

وهذا واقع صحيح وسار من حيث المبدأ، وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية وسياسية. الا ان النوم على حرير هذه العناصر ليس كافيا. فثمة مواصفات اضحت بمثابة اخطاء استدرج الافرقاء المسيحيون بعضهم بعضا اليها على سبيل المزايدات، وبات يقع فيها كثر الى درجة تفضيلهم الفراغ في سدة الرئاسة الاولى على رئيس توافقي او مقبول من الجميع معتقدين ان ذلك يضغط على الافرقاء الآخرين في البلد. ثم ان هناك وضعا اقليميا خطيرا ينذر بتحولات ليس واضحا اتجاهها ولو ان لبنان بقي حتى الآن نسبيا بعيدا عن الاشتعال الذي يعم دول عدة في المنطقة في ضوء اعتبارات متعددة. وهذه التحولات قد تبقي كيانات الدول التي تشهد حروبا دموية على حالها وربما لا تبقيها ومن غير المحتمل او المرجح ان يبقى لبنان في منأى عن ذلك في كلا الحالين. ثم ان لبنان وفي ضوء فشله في تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية والذي يتحمل الافرقاء المسيحيون جزءا كبيرا من المسؤولية عنه في ضوء عدم اتفاقهم وعدم قابليتهم لاي اتفاق، وفق ما يغلب الاقتناع لدى اوساط سياسية مختلفة حيال اي حوار قواتي عوني، يعتبر في قاموس المراقبين السياسيين والديبلوماسيين دولة فاشلة بات يظهر فيها المسيحيون اكثر فأكثر عدم قدرتهم على التأثير في مجرى الاحداث الاساسية المتعلقة به، على رغم ان الحكومة المتعثرة أظهرت ان القرار يتخذ على قدم المساواة بين الافرقاء السياسيين والطوائف تاليا في قرارات الحد الادنى. كما يتناقض هذا الاطمئنان مع تحذيرات ديبلوماسية خارجية وحتى تحذيرات سياسية داخلية باتت تخشى على انزلاق صلاحيات رئاسة الجمهورية على غرار الفتاوى من اجل قبول سفراء جدد مثلا وتسجيل سوابق دستورية تحت ذرائع شتى.