توقفت مصادر ديبلوماسية اوروبية في بيروت عند اقتراب حلول الذكرى السنوية الاولى للشغور الرئاسي اذ اعتبرت انه من غير القانوني ان يبادر اي طرف سياسي او كتلة نيابية الى تجميد هذا الاستحقاق مهما كان العنوان او الذريعة المعلنان مهمين وقد يصلان الى مستوى تحديد مصير رئاسة الجمهورية. ولاحظت ان زرع العراقيل امام مبادرة مجلس النواب الى القيام بعملية الانتخابات الرئاسية ورمي كرة الاتهام من فريق الى اخر، وبالتالي تصوير الاستحقاق وكأنه «خارجي» بالكامل. يعني نتيجة واحدة وهي قد تكون عام جديد من الشغور الرئاسي.
وفي هذا السياق شككت المصادر الديبلوماسية في جدوى الوعود الفرنسية التي اعطيت للبطريرك بشارة الراعي في زيارته الاخيرة الى باريس كما للرئيس سعد الحريري اخيرا، اذ ان هذه الوعود ركزت على مبادرة فرنسا لاجراء اتصالات عاجلة مع عدد من قادة الدول الكبرى من اجل دفع عملية انتخاب رئيس للجمهورية الى الامام. واوضحت ان الحضور الفرنسي السياسي في المنطقة والمهام التي يضطلع بها الرئيس فرانسوا هولاند اخيرا في بعض الدول الخليجية، قد اوصت بوجود امكانية بان ينسحب هذا الدور الى الساحة اللبنانية فيساعد ومن خلال التنسيق مع الادارة الاميركية. فيبادر الى ارساء معادلة مختلفة عن السابق وذلك من خلال توسيع هامش التحرك الديبلوماسي الفرنسي في اكثر من عاصمة اقليمية وفي مقدمها العاصمة اللبنانية.
واذ كشفت المصادر الديبلوماسية الاوروبية ان الاتصالات الفرنسية مع عواصم القرار المعنية بالاستحقاق الرئاسي على المستوى الاقليمي، قد بدأت خلال الاسابيع الماضية ولكن من دون ان تتبلور حتى الساعة اي نتائج عملية، اكدت ان الانشغال بالازمة اليمنية وبالحرب في سوريا قد خفف من فاعلية هذا الحراك ولكن من دون ان يدفع به الى باب مسدود. وانطلاقا من هذه الصورة فإن
الادارة الفرنسية لن تتوقف عن السعي لاحداث خرق في جدار الاستحقاق الرئاسي المعطل منذ عام انما من المبكر رسم لوحة واقعية لنتائج هذه المقاربة الفرنسية مع الاطراف اللبنانية الرئيسية والتي لا تزال مرتبطة بما ستؤول اليه الاتصالات مع كل من السعودية وايران وسوريا بالدرجة الاولى.
وبانتظار تنامي وتقدم المساعي الفرنسية على الساحة اللبنانية في مرحلة الانهماك الاميركي بالملف النووي الايراني والحرب اليمنية، نبهت المصادر الاوروبية الى خطورة استمرار الانقسام على هذه الساحة والذي امتد من السياسة الى الامن بعد حرب القلمون، واعتبرت انه يشكل تهديدا لكل المناطق اللبنانية وليس فقط للقرى الحدودية مع سوريا. واشارت الى ان كلفة هذا الانقسام سياسيا وأمنيا لن تقتصر على المجال السياسي كتعطيل عمل مجلس النواب او مجلس الوزراء او بقاء الشغور الرئاسي، بل قد تتحول في المستقبل الى اكلاف مادية جراء انفلات الضوابط التي تتحكم بميول الشارع وذلك فيما لو استمرت الحملات السياسية التصعيدية كما هي الحال منذ اكثر من اسبوعين، وبالتالي حذرت من تنامي التمادي في الخطاب الطائفي والمذهبي، اذ ان استحضار عناصر خارجية في الصراع السياسي الداخلي، قد يطيح كل التوازنات المحلية ويسقط مظلة الامان الدولية الحامية للاستقرار اللبناني. وخلصت الى ان عواصم القرار الغربية وفي مقدمها واشنطن مهتمة وما زالت حريصة على ترسيخ الاستقرار الامني ولو بشكل نسبي، ولكن استمرار مسار التصعيد السياسي كما هي الحال اليوم، يهدد بتفجير الوضع وقلب الطاولة من قبل الاطراف المحلية على الرغم من الضوابط الخارجية.