Site icon IMLebanon

السياسة الفرنسيّة وبداية سقوط آخر “صداقات” باريس في المنطقة 

 

 

يُقال أنه عندما يتعلق الأمر بـ “اسرائيل”، فلا مكان للحياد الغربي، ففي الدول الاوروبية الكبرى، أو في الولايات المتحدة الأميركية لا صوت يعلو فوق صوت اللوبي الصهيوني الحاكم والمسيطر على السياسة والمال والاقتصاد، لذلك عندما تكون المسألة متعلقة بالكيان، تتحول هذه الدول الى “جنود” في خدمة بقاء هذه “المستعمرة”، وهذا ما رأيناه بعد 7 تشرين الأول وعملية طوفان الأقصى البطولية.

 

بدا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متأثراً خلال زيارته الى “تل أبيب” منذ أيام، وكان في خطابه عدائياً تجاه الفلسطينيين، داعماً لأقصى الحدود للعدو الاسرائيلي، حتى وصل به الأمر الى دعوة ما يُسمى بالتحالف الدولي الذي ادّعى محاربة تنظيم “داعش “الارهابي، الى محاربة حركة حماس.

 

لطالما حاولت فرنسا الإبقاء على علاقات حسنة مع الجمهورية الإسلامية في إيران وحلفائها في المنطقة، ومنهم حزب الله الذي كانت الإدارة الفرنسية على تواصل دائم ومستمر معه في ما يتعلق بالملف اللبناني، ويُقال أن فرنسا استفادت من هذا الواقع في لبنان، لتحصل على مكتسبات اقتصادية في البحر تحديداً، حيث يبرز دور شركة “توتال” في عملية البحث عن الغاز في البحر، كذلك في محاولة لعب دور الوسيط في الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان، وهي التي أفرزت مبعوثاً خاصاً الى بيروت محملاً بمبادرة فرنسية لم يُكتب لها النجاح. فهل تخسر فرنسا هذا الدور بسبب موقفها مما يجري في فلسطين المحتلة؟

 

قبل أشهر تعرضت العلاقات الفرنسية – الإيرانية الى ضربة قوية بعد مواقف باريس المناهضة لإيران على خلفية الحرب الروسية – الأوكرانية، لكن ذلك لم يؤثر على دور فرنسا في لبنان، حيث استمرت بالتواصل مع حزب الله الذي تعترف بدوره الكبير في أي تسوية ممكنة، لكن هذه المرة بحسب مصادر سياسية مطلعة ، فإن الموقف الفرنسي لن يمر مرور الكرام لدى اطراف محور المقاومة، ولو أن هذه الاطراف تُدرك انه عندما يتعلق الأمر ب “إسرائيل”، فلن يكون أي طرف دولي داعم للمقاومة بالمطلق على حساب العدو، وفرنسا بالتحديد فهي “بالجيب” الأميركي، ولا يمكن لها أن تكون سوى هناك.

 

وبحسب المصادر فإن المواقف الفرنسية ستؤثر حكماً في العلاقات، لكن هذا لا يعني قطعها، فبالنسبة الى المحور فهو لا يقدم شيئاً الى باريس دون مقابل، ولا يتعامل معها على أساس انها وسيط نزيه، بل وسيط الضرورة، وهناك فرق شاسع بين الأمرين، مشيرة الى أن على فرنسا أن تعلم عندما تُقارب الوضع في المنطقة ولبنان، أن لديها مصالح اقتصادية قد لا تبقى قائمة، خاصة بعد البلبلة الكبيرة التي رافقت عمل شركة “توتال” في البلوك رقم 9، والذي سيكون محطّ اهتمام كبير بعد انتهاء الأزمة العسكرية التي تمر فيها المنطقة.

 

في السابق، خسرت فرنسا بعض الأصدقاء التقليديين في لبنان، بعد اتهامها بالانحياز الى جانب حزب الله في تسوياتها المقترحة، واليوم قد تخسر “أصدقاء” إضافيين جراء انحيازها التام الى جانب “اسرائيل”، فخلال زيارة وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا الى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري برفقة السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماغرو، كان الخطاب الفرنسي خطاباً أميركياً بامتياز، وكان الرد عليه كالرد على الأميركيين. لذلك سيكون السؤال الأساسي في المستقبل القريب، وعلى الرغم من تحركات جان إيف لودريان التي لا تزال قائمة على مستوى البحث عن حل سياسي لإنهاء أزمة الفراغ الرئاسي، هل يكون ما يجري في فلسطين المحتلة بداية لسقوط آخر صداقات فرنسا في لبنان؟