IMLebanon

الفرنسيون “يبرّرون” مبادرتهم الرئاسية… هذا جواب “المعارضة”

 

بعد المبادرة الفرنسية الرئاسية المتمحورة على طرح تسوية خارجية – داخلية تأتي برئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية والديبلوماسي نواف سلام أو من يُعتبر من «الفريق المعارض» وقريباً من السعودية، رئيساً للحكومة العتيدة، تحرّك الفرنسيون باتجاه أفرقاء المعارضة لـ»تبرير» مبادرتهم هذه، خصوصاً بعد ما أشيع عن خلفيّات تجارية وسياسية مشبوهة لباريس تجمعها بطهران وجهات لبنانية، وبعد عدم مرونة السعودية تجاه الحراك الفرنسي رئاسياً. وإذ كان «الجواب» حاسماً من أفرقاء المعارضة، وسمعته سفيرة فرنسا لدى لبنان، بأنّ هذه التسوية غير مقبولة وهذه «المقايضة» مرفوضة، لم يرشح بعد أي تغيير في الموقف الفرنسي.

 

التواصل الفرنسي أخيراً مع مرجعيات وقيادات لبنانية معارضة، تصفه مصادر مطّلعة، على أنّه محاولة لتبيان طريقة ترميم العلاقات بين باريس وهذه الجهات السياسية، بعد المبادرة الفرنسية التي أدّت الى ضرب هذه العلاقات والإساءة إليها. ويتركّز التبرير الفرنسي لهذه المبادرة الرئاسية على أنّ باريس تبحث عن مخرج للأزمة اللبنانية وخصوصاً الرئاسية. وهذا الحلّ لا يُمكن أن ينضج، بحسب وجهة النظر الفرنسية، إلّا من خلال تكريس ميزان قوى في السلطة التنفيذية في لبنان، على قاعدة رئيس جمهورية من فريق ورئيس حكومة من فريق آخر. وسمع الفرنسيون من قيادات سياسية معارضة «الجواب الحاسم»، وفق تفسير واضح لهذه المبادرة التي تبقي الوضع اللبناني كما هو قائم. كذلك جرى إبلاغ الفرنسيين أنّ فرنسا بقيمها التاريخية، يُفترض بها أن تبحث عن حلول تحدّ من سيطرة محور وليس عن حلول تكرّس وجوده، إضافةً الى أنّها يجب أن ترى كيف تستطيع أن تساهم في إخراج لبنان من أزمته وليس التمديد لها، وذلك انطلاقاً من أنّ «الرئيس الممانع» جُرّب، و»الانتخابات للانتخابات» ليست الحلّ.

 

كذلك تعتبر جهات سياسية معارضة أنّ التحرُّك الفرنسي الأخير أتى، بعدما بدأ الفرنسيون يشعرون أنّ دورهم انتهى عملياً. فمع الدخول القطري على المسرح الرئاسي، فهم الفرنسي أنّ هذه رسالة سعودية مفادها أنّها تريد أن يكون الحلّ في لبنان عربياً – خليجياً، وليس على الطريقة الفرنسية التي تريد مسايرة المحور الإيراني على حساب الشرعيات اللبنانية والعربية.

 

وإذ تعتبر جهات عدة أنّ الدور الفرنسي لم يعد فاعلاً رئاسياً وأنّ المبادرة الفرنسية أُسقطت وأجهضت، ولم يعد هناك من إمكانية للبحث فيها، ولذلك يجري الفرنسيون نوعاً من مراجعة لإدارتهم الملفّ الرئاسي وقراءة موضوعية لطبيعة المرحلة وكيف يمكن أن يتّجه حراكهم في المرحلة المقبلة، لا يزال «الثنائي الشيعي» يعوّل على الدور الفرنسي لإيصال فرنجية، وذلك بعد ترجمة الاتفاق السعودي – الإيراني، انفراجات في اليمن بحيث نيل الرياض مبتغاها يمنياً يجعلها تتساهل لبنانياً.

 

المعادلة الفرنسية هدفها المقايضة بين الرئاستين الأولى والثالثة لإمرار انتخاب فرنجية تحديداً، فيما وصول فرنجية بات متعذراً بحسب جهات معارضة، تحديداً بسبب الرفض المسيحي شبه الكامل لانتخابه، وبالتالي سقطت هذه المبادرة. لذلك، وعلى رغم تمسّك «الثنائي الشيعي» بدعم فرنجية، ترى جهات معارضة أنّ آمال الفريق الممانع المؤيّد لفرنجية شكلية، لشراء الوقت في انتظار عرض آخر يمكنه أن يستفيد منه، وبالتالي هو يرفع السقوف مراهناً على عرض جديد لا يحمل اسم فرنجية رئيساً، يتمكّن من خلاله أن يرتّب وضعيته الرئاسية بالحفاظ على مكتسباته ومصالحه ودوره. لذلك، تضع هذه الجهات التصعيد الأخير في لبنان، من إطلاق الصواريخ على إسرائيل الى الخطابات والمواقف الممانعة النارية، في إطار تأكيد المحور الممانع وجوده وقوّته وتكريس وضعيته، خصوصاً رئاسياً.

 

وانطلاقاً من الواقعية السياسية، يدرك جميع الأفرقاء اللبنانيين أنّ الانتخابات الرئاسية لن تُنجز من دون تسوية. فحتى لو تمكّن أيّ من فريقي الموالاة أو المعارضة من إيصال رئيس للجمهورية، إلّا أنّ هذا العهد لن يُكتب له النجاح إذا انتهج الفريق المعارض له سياسة التعطيل، إن في الحكومة أم في مجلس النواب. لكن هذا لا يعني، بحسب المعارضة السيادية، الدخول في أي تسوية والرضوخ للفريق الممانع الذي بُنيت استراتيجيته تاريخياً في لبنان على معادلة واحدة، هي التعطيل، الى حين أن تقول قوى 14 آذار: «نحن أمّ الصبي»، وبالتالي تغيّر موقفها. لكن هذه المرّة، لم تعد المعادلة نفسها قائمة، فالبلد انهار وبالتالي «الصبيّ راح». وتؤكد جهات معارضة أنّه لم يعد بإمكان فريق الممانعة الرهان على تبدّل موقف القوى السيادية. فسابقاً كان محور الممانعة يعطّل الدولة والبلد، لتعيين وزير أو للحصول على الثلث المعطّل في الحكومة أو للإتيان برئيس حكومة أو لانتخاب رئيس للجمهورية، فيما الآن «هذا التكتيك إنسوه»، بحسب جهات معارضة، فالمرحلة الراهنة جديدة ومختلفة عن المراحل السابقة، ولم تعد القوى السيادية في وارد التنازل تحت أي عنوان، ولا تسوية على رئيس ممانع. وما يقوله الفريق المعارض لفريق الممانعة، أبلغه الى الفرنسيين بوضوح.