IMLebanon

محاولة رئاسية فرنسية في الوقت الضائع

من جديد تبادر فرنسا تجاه طهران محاوِلة إنتاج تسوية في الملف الرئاسي تؤدّي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد أكثر من عام على تعطيل هذا الانتخاب.

عون تغيّر أيضاً

تبدو المبادرة الفرنسية كأنّها تسير في الوقت الضائع، بعد محاولتين سابقتين لم تؤدِّيا الى أيّ تغيير في موقف طهران التي بدت وكأنها لا تأخذ الجهد الفرنسي على محمل الجدّ، مرّة عبر إحالة الملف الى «حزب الله» الذي يتمسك برئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون رئيساً، ومرّة عبر استدعاء الفرنسيين الى طهران، من دون أن يكون لديها جديد لتعطيه، وعلى الأرجح فإنّ المبادرة الفرنسية الحالية ستغرق في المماطلة الايرانية التي تخفي قراراً بعدم الجلوس الى طاولة الوفاق الرئاسي حتى إشعار آخر.

تختلف ظروف العام 2008 التي أتت بالعماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، عما يحصل اليوم، فـ»حزب الله» وقتها استطاع أن يُقنع عون بالتسوية ولو على مضض، وعلى حدّ تعبير أحد قياديّي الحزب الذي قاله لوفد عوني «لقد سحبنا اللقمة من فمه واليوم لسنا مستعدّين لتكرار الأمر».

عون تغيّر أيضاً، حيث اصبحت قدرته على التمسّك «بحقه» في الرئاسة أصلب، لمعرفته أنّ «حزب الله» يحتاجه أكثر ولن يدفع ثمن الموافقة على رئيس توافقي، ولن يخسر التحالف مع عون لمجرد انتخاب رئيس يمكن أن يتحوّل ميشال سليمان آخر غير مستعد أن يغطي ما يقوم به في سوريا.

ولهذا من غير المرجح أن تفرض إيران على «حزب الله» أيّ تسوية، على الأقل في هذا التوقيت، وذلك للحفاظ على التوازنات الداخلية التي يشعر الحزب أنه في حاجة ماسة اليها.

في الجانب الآخر، تستمرّ قوى «14 آذار» على موقفها الداعم ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، وتتمسّك بمبادرتها بالموافقة على رئيس توافقي، متى قرّر الطرف الآخر سحب ترشيح عون، وهو الامر الذي يبدو مستبعَداً.

لم تتقدّم قوى «14 آذار» خطوة واحدة أبعد من مجرد إبداء الاستعداد للتوافق، ولم تُرشّح أيّ اسم للرئاسة، كما فعلت في العام 2008 حين رشّحت قائد الجيش العماد ميشال سليمان.

وكما بات معروفاً فإنّ الرئيس سعد الحريري مرن في تسمية مرشّح توافقي لإحراج الطرف الآخر، ولكنّ جعجع رفض الامر في المطلق، لأنه يعطي عون نقطة إضافية، حيث سيكون في مبارزة مع مرشّح ضعيف، تُكسبه نقاطاً في نزاعه للوصول الى بعبدا، كما أنّ هذه الخطوة هي في نظر جعجع تشكل تراجعاً لقوى «14 آذار»، في ظلّ تمسك «حزب الله» بترشيح عون حتى النهاية.

في المعلومات أنّ جعجع حرص على إعطاء الفرنسيين والروس ورقة قوية، حيث أكد لهم أنه غير متمسِّك بترشيحه للرئاسة، وأنه جاهز للقبول بالتسوية لكن ليس على أساس انتخاب رئيس من قوى «8 آذار»، وهذا يعني أنه لا يزال ملتزِماً ما طرحه منذ اليوم الأول للترشيح.

ينتظر الجميع الآن المسعى الفرنسي، وسط انخفاض في منسوب التفاؤل بإمكان نجاح باريس في تليين موقف طهران، التي تجِد نفسها بعد الاتفاق مع المجتمع الدولي في ملفها النووي أكثر قدرة على المناورة.

لا تتوقع أوساط مطلعة أيّ تغيير في الموقف الايراني على الأقل خلال الاشهر المقبلة في ما خصّ الملف الرئاسي، بل كلّ ما تذهب إليه هو ترجيح التبريد في الملف الحكومي، وعدم الذهاب الى التعطيل الكامل، وفي انتظار البدء بتطبيق الملف النووي، فإنّ مسافة زمنية أصبحت ضرورية لتتبّع سلوك إيران في المنطقة، في مرحلة ما بعد الاتفاق، أما في لبنان فالانسداد في أفق التسوية الرئاسية مرشح للاستمرار ما لم يطرأ أيّ تغيير جوهري في السياسة الايرانية.