يطغى الحضور الفرنسي على الساحة اللبنانية على ما عداه من حضور خارجي، في ظلّ معلومات عن إمكانية أن يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في الأشهر المقبلة لبنان، إذا تُرجِمَت مبادرته من خلال شروع الحكومة في عملية الإصلاح، وحصلت الإستحقاقات الدستورية في مواعيدها، وبشكل ديموقراطي، ذلك أنه في تلك اللحظة، ووفق ما تنقل مصادر ديبلوماسية عن أحد السفراء الفرنسيين السابقين في لبنان والمقرّب من ماكرون، بأنه سيعود مرةً ثالثة الى هذا البلد للمباركة بتحقيق الخطوات الحكومية.
وبالتالي، سيبادر الرئيس الفرنسي للدعوة الى مؤتمر وطني عام، أو لصيغة قريبة من مؤتمر»سان كلو»، إضافة إلى حضّ المجتمع الدولي على دعم لبنان من خلال مؤتمر للدول المانحة يشارك فيه الجميع، باعتبار، وحسب المصادر الديبلوماسية نفسها، ثمة تباين بين الفرنسيين والأميركيين حول بعض المسائل المتعلّقة بالشأن اللبناني، ولكن هناك توافق بينهما على الإصلاح، ولهذه الغاية، فإن الغطاء الأميركي للتسوية الفرنسية ـ الإيرانية، يدلّ على أن واشنطن فوّضت باريس بالوضع اللبناني، ويمكن القول انها ستمسك بكل مفاصله لفترة طويلة، وأقلّه في عهد الرئيس ماكرون، والذي قد يعطيه دفعاً شعبياً وسياسياً في الإنتخابات النيابية المقبلة.
وفي هذا الإطار، تلفت هذه المصادر، الى معلومات عن تعويل على جولة الرئيس الفرنسي لبعض دول الخليج، وحيث سيكون الملف اللبناني مادة أساسية، بعدما أصبحت التفاصيل اللبنانية وخصوصاً المالية والإقتصادية، ضمن الرعاية والإهتمام الفرنسيين، في ضوء توافق دولي على إبقاء شبكة أمان على الساحة اللبنانية وحماية الإستقرار العام، مع العلم أنه منذ تشكيل الحكومة الحالية، انقلب المشهد الداخلي من الإنهيار الى ما يشبه الإدارة للأزمات ولو بنسبة متواضعة جداً بدليل استمرار الصعوبات في كل المجالات.
من هذا المنطلق، فإن الدور الفرنسي، وفق المصادر الديبلوماسية المتابعة عن كثب للأوضاع، لا ينحصر فقط في تشكيل الحكومة، بل هناك عامل رئيسي يهمّ الرئيس ماكرون شخصياً، ألا وهو حصول الإنتخابات النيابية في موعدها المحدّد، وعلى هذا الأساس عرض هذه المسألة مع الرئيس نجيب ميقاتي خلال لقائه به مؤخراً في الإيليزيه، وصولاً الى تسجيل تشاور فرنسي مع الدول الأوروبية والعربية حول هذا الإستحقاق والذي يعتبره الرئيس الفرنسي، مدخلاً من أجل إنتاج سلطة جديدة في لبنان. وبالتالي، فإن باريس ستواكب على غير مستوى وصعيد، عبر إرسال جهات حقوقية ودستورية لمراقبة الإنتخابات والتعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة، ومن ثم تأمين كل مستلزمات هذا الإستحقاق لوجستياً.
وعلى صعيد زيارة منسّق مؤتمر «سيدر» السفير بيار دوكان، فإن المصادر تؤكد أن الزيارة هي استكشافية وللإستطلاع والمراقبة عن كثب لما ستُقدم عليه الحكومة الجديدة من خطوات إصلاحية مالياً وإدارياً، ولكن، هذا الأمور لا تعني فرنسا وحدها، بل هي نتاج مساهمة الدول المانحة، وعلى هذه الخلفية، فمن المستبعد أن تُصرف أموال «سيدر» في المدى المنظور، إلاّ في حال تأمّن إجماع من المشاركين والمساهمين، وذلك يحتاج الى وقت لتذليل العقبات في ظل الوضع السائد حالياً على مستوى العلاقات بين لبنان ودول الخليج.