IMLebanon

حرب «الساعة» لدغت عقاربها غالبية الشعب اللبناني

 

باريس للمسؤولين: فلننتظر مفاعيل التفاهم الإيراني السعودي

 

 

أما وقد انتهت أزمة «الساعة» التي لدغت عقاربها كل اللبنانيين الذين عادوا للوراء عدة سنوات وتمترسوا خلف طوائفهم ومذاهبهم وفي ثوان انقلبوا على العيش المشترك متجاهلين يومياتهم السوداء بفعل اوضاعهم الحياتية والمعيشية التي وصلت الى أدنى مستوياتها، فإن عقارب الساعة السياسية عادت الى الدوران بعد توقف قسري لأقل من اسبوع، وعادت معها عملية الاتصالات والمشاورات التي لم تخرج بعد من المربع الاول في ما خص انتخاب رئيس للجمهورية.

ففي الوقت الذي كان فيه الشعب اللبناني يعيش لحظة الضجة التي أشارها قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، فإن الساحة الداخلية شهدت حركة دبلوماسية متنوعة، وفي عدة اتجاهات، أجمع القائمون عليها على وصف ما آل اليه الوضع في لبنان بالخير، وأنه حان الوقت للاتفاق على انتخاب رئيس قبل ان يسقط الهيكل على الجميع، وهذا التخدير ابلغته السفيرة الفرنسية للمسؤولين وكذلك عكسته في تغريداتها، المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا التي اكدت بأن ما وصلت اليه اوضاع الناس في لبنان بات يحتم القيام بالاصلاحات التي اتفق عليها مع صندوق النقد الدولي.

هذه الحركة التي تقوم بها السفيرة الفرنسية، وكذلك سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري تتماهى مع الاهتمام الذي يوليه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون للشأن اللبناني، وهو كما بات معلوما عاد في اليومين الماضيين وأثار المسألة اللبنانية لناحية ضرورة انجاز الاستحقاق الرئاسي الذي يُعد المدخل الرئيسي لحل الازمة في لبنان مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، حيث عبّرا عن قلقهما المشترك حيال استمرار الوضع اللبناني على ما هو عليه. ويبدو ان ماكرون بات مقتنعا بأن الحل للازمة في لبنان يستحيل داخليا، وانه ماض في سعيه للمساهمة في ايجاد هذا الحل، وهو يتكل هذه المرة على التفاهم الايراني – السعودي الذي يرى فيه خطوة متقدمة قد تؤدي الى ايجاد المناخات الملائمة لمعالجة المشاكل في لبنان لما لطرفي التفاهم من تأثير مباشر على الواقع اللبناني، وقد يأتي في اعتقاد اوساط سياسية التحرك الذي يقوم به السفير بخاري من باب تبديد المناخات الراهنة في لبنان بحيث يأتي تنفيذ الشطر الموجود برزمة التفاهم بين طهران وجدة والمتعلق بالوضع اللبناني في ظروف ملائمة لتأمين نجاح ما سيطرح من صنع حل لانجاز الاستحقاق الرئاسي وتأليف حكومة قادرة على تنفيذ الاصلاحات ووقف الهدر والفساد في مفاصل الدولة.

وفي هذا السياق، فإن مصادر سياسية تؤكد بأن الافق السياسي ما زال مسدودا في ما خص التفاهم على اسم رئيس للجمهورية وانه يستحيل في الوقت الراهن احداث اي خرق في جدار الازمة، متسائلة كيف يمكن للاطراف السياسية التفاهم على ايجاد حل لأزمة سياسية بحجم رئيس للجمهورية، وهم لم يتفقوا على توحيد الوقت، كما انهم يختلفون على أبسط الاشياء؟ وبفعل هذا الامر ترى المصادر ان التعويل اليوم بالكامل على الخارج لانجاز هذا الامر، وان ما يحاك من تفاهمات اقليمية قد يصب في صالح لبنان لناحية معالجة ملفاته الداخلية، ولا سيما ان الكل يعرف بأن العاملَين الاقليمي والدولي يتقدمان على العامل الداخلي في شأن الاستحقاق الرئاسي وهذا الامر ليس وليد اليوم بل انه مرافق للبنانيين منذ الاستقلال الى اليوم.

وتعتبر المصادر السياسية بأن الدور الفرنسي لم يتراجع في ما خص مساعدة لبنان على النهوض من كبوته، غير أن هذا الدور ربما يتراجع بعض الشيء في هذه المرحلة، من منطلق ان باريس ستنتظر هذه المرة مفاعيل التفاهم الايراني – السعودي التي من شأنها ان تجعل الصورة اللبنانية اوضح وتساعد الفرنسيين على طرح اي تسوية ترى انها تتلاءم والتقارب الايراني – السعودي، وفي الوقت نفسه تجد لها الارضية الملائمة في الداخل اللبناني لانجاحها، ولا سيما انه بدأت تظهر في الافق مؤشرات توحي بأن ليونة إقليمية مرجحة، وهذا اذا ما استمر سيساعد كثيرا في اخراج لبنان من ازماته، ولا سيما ان المسؤولين في لبنان سمعوا مرات عدة، إن عبر السفيرة الاميركية في لبنان او عند جولة المسؤولة الاميركية باربارا ليف على عدد من المسؤولين خلال زيارتها بيروت ليومين بأن واشنطن لن تضع فيتو على اي مرشح للرئاسة، وهي في الوقت ذاته ليس لديها اي مرشح.

 

التشنج السياسي يُفاقم الاهتراء المعيشي والأيام المقبلة حافلة بالمخاطر

 

كل ذلك، في رأي المصادر، غير كاف لتقول بأن الازمة في لبنان قد وضعت على سكة الحل بل ما يلاحظ من مناخات المنطقة يؤكد بأنه ما زال امام لبنان الكثير من الانتظار الى حين تبلور المشهد الاقليمي ونضوج التسوية، والى ذاك الحين فإن الداخل اللبناني سيبقى عرضة للاهتزازات السياسية والاهتراءات الاقتصادية والمعيشية التي ربما تصبح اكثر اهتراءً مع ما هو قادم من ايام.