Site icon IMLebanon

فرنسا هدّدت بالعقوبات .. فردّ لبنان: حذار «توتال» هنا

 

 

مُناورة الحريري انتهت: لا اعتذار!

 

 

لا بل خرج الكل خاسرا بعد زيارة لودريان…حتى لودريان نفسه»…

 

بهذه العبارة تلخص مصادر مطلعة نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان التي استمرت يومين الى بيروت غادر بعدها راس الدبلوماسية الفرنسية خالي الوفاض بصفر حكومي ومبادرة نازعت حتى اخر نفس قبل ان تلفظ انفاسها الاخيرة لتطوى معها صفحة «الدور الفرنسي في لبنان»…

 

فعلى عكس ما توقع كثر لم يأت لودريان حاملا اية مبادرة او اية محاولة لانقاذ ما تبقى من المبادرة الفرنسية انما حمل بجعبته عتبا واستياء وبلاغا بمثابة بلاغ»رقم 1» مذيّل برسائل شديدة اللهجة قد لا تجد من يقرّشها في لبنان.

 

اوساط مشاركة ببعض الاجتماعات التي عقدها وزير الخارجية الفرنسية في بيروت اشارت عبر الديار الى ان زيارة لودريان اكدت انتهاج باريس مقاربة جديدة في لبنان اذ انها تحولت من دعم القوى السياسية الحزبية الى دعم الشعب اللبناني ومعه قوى المعارضة بوجه السلطة، بعدما استسلم الرئيس الفرنسي وسلم المهمة اللبنانية من الاليزيه الى الكي دورسيه.

 

والدليل على ذلك، بحسب ما تشرح المصادر، هو الاجتماع الذي عقده لودريان في قصر الصنوبر مع النواب المستقلين وقوى المعارضة وبعض تحالفات المجتمع المدني والذي دام ساعتين من الوقت خصصهما لودريان للاستماع الى من وصفهم «بقوى التغيير» فيما لم يدم اجتماعه مع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا ورئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة  الا ساعة لكل منهما فيما اجتمع بالرئيس المكلف سعد الحريري في قصر الصنوبر لا بيت الوسط على مدى نصف ساعة فقط.

 

وتكشف المصادر للديار بانه خلال اجتماعه بالمستقلين وقوى المعارضة  توجه لودريان للمشاركين بالقول : فرنسا ابدت ثقتها بالاحزاب السياسية التي وعدت الرئيس ايمانويل ماكرون بالالتزام لكنها لم تفعل ، ليضيف: لست هنا اليوم للقاء الاحزاب بل للقائكم وتوجه لهم برسالة مفادها : وحدوا صفوفكم ضمن برنامج واضح تمهيدا لانتخابات نيابية يجب ان تحصل بموعدها، ونحن الى جانبكم !

 

وبالعودة الى اجتماعاته الرسمية، استغرب اكثر من مصدر السبب الذي دفع بالضيف الفرنسي لعدم زيارة بيت الوسط ولاسيما ان الحريري هو رئيس حكومة مكلف كما ان اوساطا سياسية عدة تساءلت عن السبب الذي دفع الحريري بالنزول الى قصر الصنوبر بدل ان يزوره لودريان شخصيا ، علما ان معلومات الديار تفيد بان وساطات واتصالات عدة اجريت قبيل زيارة لودريان لتأمين لقاء مع الحريري.

 

هذا في الشكل، اما في مضمون لقاء قصر الصنوير المسائي بين لودريان والحريري، فقد ساده كما كشفت مصادر مطلعة على جوه اجواء غير ايجابية وعتب متبادل.

 

وفي هذا الاطار اشارت المصادر الى ان لودريان عاتب الحريري محملا اياه جزءا من مسؤولية عدم تشكيل الحكومة.

 

ونقلت المصادر عن لودريان قوله للحريري ان فرنسا وثقت بوعود السياسيين ودعمتك شخصيا لتشكيل حكومة  لكنها لم تؤلف ، وهذا الفشل ساهم باهتزاز صورة فرنسا امام المجتمع الدولي.

 

وفيما حضرت حكومة الـ 24 وزيرا على طاولة النقاش من باب الحث الفرنسي على وجوب السير بها، فقد حرص بالمقابل الحريري بحسب المصادر على تعداد على مسمع الضيف الفرنسي ما قدمه من تنازلات في سبيل تشكيل الحكومة مشددا على ان همه هو تشكيل حكومة مقبولة من الجميع وتحظى برضى الدول العربية والخليجية وهذه مشكلة والمقصود هنا المملكة العربية السعودية معلنا ان هناك ضغطا يمارس عليه كما فهم من المصادر ان الحريري شكا للودريان ان المملكة لا تريده رئيسا للحكومة.

 

وبخلاصة الاجتماع الذي وصفته المصادر «بالفاشل» غادر الحريري بعدم ارتياح قصر الصنوبر ومن دون الادلاء باية كلمة، حتى ان اوساط بيت الوسط التزمت بالصمت ولم ترشح عنها اية معلومة او بيان رسمي عن مضمون الاجتماع.

 

الجو السلبي هذا لم ينسحب فقط على قصر الصنوبر ، فاذا كان الجو مرّا في قصر الصنوبر فالاكيد انه لم يكن حلوا في بعبدا وعين التينة.

 

اذ كشفت مصادر اطلعت على جو لقاء عين التينة ان رئيس مجلس النواب الذي تجمعه علاقة صداقة قديمة بالوزير الفرنسي الذي غالبا ما ياتي على ذكره بالقول :

 

«Mon ami berry» سال لودريان عما اذا كان يحمل جديدا حكوميا فكان جواب الاخير : «لست هنا لاتحدث بالحكومة فرد بري : ما هدف الزيارة اذا؟ مسديا (اي الرئيس بري) نصيحة لصديقه الفرنسي بالقول: «انصحك ان توسع دائرة لقاءاتك مع السياسيين» الا ان الاخير لم يقتنع فجدد على مسمع الرئيس بري العتب الفرنسي والتلويح بالعقوبات على المعرقلين.

 

كما في عين التينة، هكذا في بعبدا فاللقاء مع رئيس الجمهورية ساده ايضا عتب و»زعل فرنسي» من عرقلة التأليف الا ان مصادر موثوقة مطلعة من خارج اطار بعبدا (علما ان مصدرا مقربا منها نفى الرواية)، كشفت للديار ان الرئيس عون لم يكن ليّنا ايضا مع الضيف الفرنسي فكما هدد الاخير بعقوبات على المعرقلين بادره رئيس الجمهورية بمواقف سيادية مفادها ان لبنان بلد سيادي، فاذا اردتم التعامل معنا على هذا الاساس فلكم منا كل الاحترام ويدنا ممدودة لهذا التعاون بشتى المجالات ولا سيما اننا دعمنا المبادرة الفرنسية منذ اللحظة الاولى وحتى النهاية ولا نزال لكن اذا كان الخيار معاكسا فنحن ايضا لنا خياراتنا».

 

وفهم هنا من بعض الاجواء ان الرئيس عون رفع بوجه الضيف الفرنسي ورقة شركة توتال الفرنسية المشغلة لائتلاف الشركات المكون من توتال وايني الايطالية المسؤولة عن التنقيب عن النفط والغاز في لبنان برسالة مفادها ان فرض العقوبات قد يدفع بوقف العمل مع توتال وخروجها من هذا الحقل في لبنان وترك الساحة للروس عبر شركة نوفاتيك ومعها ايني الايطالية ولا مصلحة لهذا الامر، ان حصل، بالنسبة لفرنسا.

 

انتهت لقاءات لودريان في بيروت على زعل وغضب وخسارة متبادلة، غادر الضيف الفرنسي فاقلعت طائرته صباح الجمعة مودعة لبنان باتجاه باريس وكما قبل الزيارة هكذا فعل عند المغادرة فبعث برسالة شديدة اللهجة خلال لقاء مصغر مع عدد من الاعلاميين قائلا: بدأنا باتخاذ خطوات تمنع دخول المعطلين والفاسدين الى الاراضي الفرنسية وهذه بداية في مسار عقوبات متشدد.

 

غادر  لودريان وبقي سؤال واحد : ماذا بعد؟ هل يستمر الحريري بالتكليف او يعتذر؟

 

على هذا السؤال ترد اوساط مطلعة على جو 8 اذار بالقول : القرار للحريري نفسه لكن الاكيد ان الثنائي الشيعي لا يزال متمسكا به لتشكيل حكومة طالما انه لم يعتذر رسميا.

 

وهنا كشفت اوساط  مطلعة بان «مناورة الحريري انتهت ولا اعتذار، لافتة الى ان حزب الله لم يكن «قابض جدّ» قصة الاعتذار وكان يدرك انها مناورة.

 

اما ما حكي عن تشكيل جبهة معارضة نواتها وليد جنبلاط وسليمان فرنجية والرئيس بري ضد رئيس الجمهورية ومعه رئيس التيار الوطني الحر اذا استمر التعطيل الحكومي وبالتالي الوقوف الى جانب الحريري وان الرئيس بري ابلغ حزب الله بانهم ذاهبون للمعارضة في حال استمر الحزب بدعم باسيل، فتعلق عليه مصادر مطلعة على جو حزب الله  بالقول: «فكرة تشكيل جبهة معارضة غير صحيحة على الاطلاق وعن اي معارضة نتحدث اذا كانوا هم من سيؤلفون الحكومة ؟ لتضيف جازمة : الرئيس بري لم يبلغنا هكذا موقف وموقفنا اساسا لم يتغير من التزامنا بدعم الحريري لرئاسة الحكومة طالما انه لم يعتذر.

 

وفي هذا الاطار كشفت معلومات الديار ان تواصلا شهدته الساعات الماضية على خط عين التينة كليمنصو، حيث زار الوزير السابق غازي العريضي اول من امس الرئيس بري في عين التينة،الا ان اساس النقاش كان ضرورة التوصل لتسوية وقد جدد الرئيس بري موقفه الرافض لاعتذار الحريري.

 

فهل يفعلها الرئيس المكلف؟ ويرمي كرة النار باتجاه بعبدا فيخرج رابحا سنيا لكن خاسرا سياسيا بظل الحديث عن عودة الحرارة على خط»السين – السين» بدفع روسي مقابل خسارة فرنسا كل اوراقها في لبنان واخر معقل لحضورها في الشرق الاوسط وخروجها المحتمل حتى من السوق الاقتصادية على الاراضي اللبنانية؟

 

لعل الاشهر القليلة المقبلة هي وحدها الكفيلة بالاجابة على هذه الاسئلة.