Site icon IMLebanon

انطباعات عربية متشائمة.. والعقوبات الفرنسية المتوقعة أطاحت بالحكومة

 

لا التحرك العربي، ولا المبادرة الفرنسية، أقنعا العهد بضرورة التنازل من أجل مصلحة البلد والناس، والمساهمة في تشكيل الحكومة العالقة تحت وطأة الشروط التي يضعها رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه. وهكذا ضاعت كل الفرص حتى الآن، والتي أتيحت من أجل الخروج من هذا المأزق الذي ينذر بتداعيات بالغة الخطورة، بعد إصرار العهد على الثلث المعطل الذي يرفضه الجميع، في الداخل والخارج، ما جعل الأنظار توجه إلى الرئيس عون وصهره النائب جبران باسيل، وتحميلهما مسؤولية تعثر تأليف الحكومة، ووضع البلد على كف عفريت، في مواجهة المخاطر المحدقة على مختلف المستويات.

 

وتكشف المعلومات المتوافرة «اللواء»، أن انطباعات متشائمة تكونت لدى الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، وقبله وزير الخارجية المصرية سامح شكري، عن حصيلة لقاءاتهما مع القيادات اللبنانية، بعدما ظهر بوضوح أن هناك هوة عميقة تفصل بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري، من الملف الحكومي، في ضوء إصرار الأول على شروطه، ورفض الثاني الاستجابة لها، ما جعل التدخل العربي يواجه حائطاً مسدوداً، لا يمكن حياله توقع المسار الذي ستسلكه الأحداث على صعيد عملية التأليف في المرحلة المقبلة. إذ أن مجريات الوضع الحكومي، تشير إلى أن معالم مرحلة صعبة للغاية ترتسم في الأفق، في ضوء التوجه الفرنسي والأوروبي إلى رفع مستوى الضغوطات على لبنان، وصولاً إلى فرض عقوبات على عدد من المسؤولين، قيل أنه يجري درسها، قبل الموافقة عليها، وستكون متدرجة وعلى مستويات عدة، في حين بدا الجانب العربي، بعد تعثر مهمة شكري وزكي، مقتنعاً باستحالة إقناع المسؤولين اللبنانيين بالتنازل من أجل مصلحة الوطن، وتشكيل حكومة جديدة تنقذ لبنان من الانهيار.

 

وهكذا فإن رفع العصا الفرنسية والأوروبية، في وجه المعطلين الذين يضعون مصالحهم قبل مصلحة البلد، سيدخل لبنان أكثر فأكثر في النفق، مع إحجام الأشقاء والأصدقاء على حد سواء، عن تقديم الدعم المطلوب للمساعدة، لأنهم أدركوا أن المسؤولين اللبنانيين مقصرون، ولا يريدون أن يساعدوا أنفسهم، قبل أن يساعدهم الآخرون، بعدما برز بوضوح أن العهد يعمل على مقايضة التدقيق الجنائي بتشكيل الحكومة، ضارباً عرض الحائط بالنصائح العربية والدولية التي دعته إلى تسهيل تأليف حكومة اختصاصيين موثوقة، تأخذ على عاتقها مهمة السير بالتدقيق، في إطار المبادرة الفرنسة من أجل إنقاذ الوضع الاقتصادي من الانهيار.  وهذه المقايضة التي عززتها أجواء الساعات الماضية، ظهرت مؤشراتها في كلمة الرئيس عون المتلفزة التي اقتصرها على موضوع التدقيق وحده، دون أي إشارة إلى الملف الحكومي الذي يجب أن يحظى بالأولوية، وهو ما أثار استغراب الرئيس المكلف وآخرين، ما يؤشر إلى أن ملف التأليف لم يعد أولوية لدى فريق السلطة الذي بات يفكر في خيارات أخرى، قد تدفع الأمور إلى مزيد من التعقيد.

 

وعلى هذا الأساس، واستناداً إلى معلومات «اللواء»، فإن توجه العهد يتركز على القيام بمزيد من الضغوطات على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، من أجل دفعه إلى عقد جلسة للحكومة المستقيلة، وهو أمر يرفضه دياب بشدة، وقد أبلغه إلى كل الذين راجعوه في هذا الموضوع، متخذاً موقفاً يقارب وجهة نظر الرئيس الحريري والقيادات المطالبة في الإسراع بتأليف حكومة جديدة، لأنه لا يرى فائدة من تعويم حكومة مستقيلة، لن يكون بمقدورها، لا دستوراً ولا شعبياً اتخاذ قرارات إنقاذية تحمي البلد من الانهيار. وإن كانت للرئيس دياب ملاحظات عديدة على أداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لكنه لن يحمل حكومة تصريف الأعمال القيام بأي خطوة، قد لا يكون للبلد قدرة على تحمل تبعاتها، كمثل إقالة حاكم «المركزي» أو تغطية رفع الدعم عن السلع الأساسية في الشهرين المقبلين.

 

وأشارت المعلومات، إلا أن عودة الملف الحكومي إلى الصفر، ربما تكون أطاحت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتي أبدى الرئيس المكلف استعداده للسير بها، في قت اتسم موقف العهد منها بالكثير من الغموض، في ظل استمرار تمسكه بشروطه وفي مقدمها الحصول على الثلث المعطل، والذي تقول أوساط الرئيس الحريري، لـ«اللواء»، أنه سيكون أداة طيعة بيد من يمسكه، لتعطيل عمل الحكومة، وشل قدرتها على الإنجاز، على غرار ما كان يحصل في الحكومات السابقة، وهو أمر يستحيل أن يقبل به الرئيس المكلف تحت أي اعتبار، ومهما تعرض إليه من ضغوطات، لن تزيده إلا تمسكاً بوجهة نظره.