IMLebanon

خارطة طريق برسم القمة الفرنسية – السعودية

 

 

سمّو الأمير، سيادة الرئيس، إنّ الشعب اللبناني يُشكر كل مسعى من شأنه إعادة الديمقراطية والحياة السياسية إلى طبيعتها في لبنان، ويعتبرها فُسحة أمـل على كل الأفرقاء الذين يؤمنون بالثوابت التي بُنِيَتْ عليها الحياة السياسية اللبنانية ومنها على سبيل المثال عضويته في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة وكلّه أمـل أنْ يتعاطوا معها بمسؤولية وإيجابية لأنّ لبنان أضحى بوضع ليس بإستطاعته تحمُّل أي أعباء لكونها حُبلى بالأعباء والمصائب والمشاكل المتأتية من خطر ممارسة سياسة غير ديمقراطية وغير سليمة.

سمّو الأمير، سيادة الرئيس، يتعرّض لبنان منذ إقرار وثيقة الوفاق الوطني لأزمات متفاقمة، وهي على وجه التحديد أزمات متنوّعة منها سياسية – أمنية – إقتصادية – مالية – إجتماعية… وهذه الأزمات هي الأكثر إيلاماً وتأثيراً في تاريخه السياسي ومن المؤسف أنها تمدّدتْ بفعل التداعيات السياسية التي أهملت بنود إتفاقية وثيقة الوفاق الوطني وتوّجت بتقليص السيادة الوطنية بفعل إنتشار بِدعة السلاح غير الشرعي والتي أثّرت على الأسلوب الديمقراطي المحدّد في الدستور ولا سيّما ما ورد في مقدمة الدستور الفقرة /ج/ والتي نصّت على «لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على إحترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل».

سمّو الأمير، سيادة الرئيس، بين هذه الأزمات الكبيرة تسود أزمة طمس الحقائق حيث أغلبية الزعامات اللبنانية المستحدثة تدّعي العفّة في ممارسة العمل السياسي وفي الحقيقة بأغلبيتها تطمس عمداً الحقائق وتحجبها عن الرأي العام المحلّي والإقليمي والدولي وما أدرانا وأدراكما ما طمس الحقائق في الجمهورية اللبنانية، زعامات تطمس الحقائق وتعلن أنها غير مسؤولة عمّا يحصل من إنتكاسات على الساحة اللبنانية ، وعملياً هي الأشنع في طمس ما يجري من تخطي للقوانين المرعية الإجراء ولما يرد في ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق منظمة الأمم المتحدة. حقاً إنه طمسٌ للحقيقة بطريقة مُنّظمة ومكائد مخططة بعناية من قبل الجميع. المفاجأة في الأداء السياسي أنّ المسؤولين اللبنانيون يخلصون إلى عدم وجود أدلة على سوء الأوضاع العامة في البلاد و«إنّ ما نشهده من تطورات هو نِتاج تدخلات إقليمية ودولية في الشؤون اللبنانية» وهذا ما يُنقل على لسان نوّاب ووزراء ومسؤولين رسميين ورؤساء أحزاب، بينما الحقيقة هي عكسُ ذلك… إنّ المتأمل في واقع الأزمة اللبنانية يرى أنها تتابُع ومكر المترّبصين وقوى الحق والباطل تتصارع… إنهم حفنة من السياسيين دنّسوا وجه لبنان الحضاري ونطحوه بعقائد الشك والكذب.

سمّو الأمير، سيادة الرئيس ، ساسة يدّعون أنهم على حق وإنّ غيرهم كاذب و«عميل»، ولذلك ندعوكما بإسم الأكثرية الساحقة من اللبنانيين وحتى بإسم المُضلّلين: بالله عليكما ساعدوا هذا الشعب وأنصروه على أعداء الوطن والأمة… نعم لقد سئم شعبنا من الذين يظهرون بوجهين والذين يتكلّمون بلسانين ويمشون بين محتّلي الجمهورية كشاة حائرة بين القطيعين، تميل إلى هذا القطيع تارةً وإلى ذلك أخرى مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء يُظهرون الولاء الأعمى لمنظومة أهلكتْ لبنان.

سمّو الأمير، سيادة الرئيس، إنّ الذي يتوّجه إليكما مُكلّف من قبل الشجعان والشرفاء، ونحن فئة الشجعان شجعان في السلم وأصحاب مواقف صادقة، فإذا جـدّ الجـدّ نُحاور بصدق وضمن آلية وطنية ترتكز على القوانين المرعية الإجراء، لا نُريد إلّا الحُسنى وندافع عن الحق لأننا والحق أكثرية ونُنشد في الحقيقة سيادة وطنية تامة ناجزة مطلقة وحياة سياسية تلتزم بالمواثيق العربية والدولية . وبعيداً عن المقولات حول إمعان هذه السلطة الفاقدة للحس الوطني وللشرعية والمتخصصة في الإمعان بتزييف الحقائق ما سبقها وتلاها… ها هي اليوم تُصادر عملية إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وما الذي حصل في الرابع عشر من شهر حزيران الحالي خير دليل على ما نسرده من وقائع مؤلمة نمّر بها على المستوى الوطني.

سمّو الأمير، سيادة الرئيس، رغم قساوة الأوضاع نطرح مبادرة سياسية تتزامن مع مسعاكما الميمون علّها تُساهم في إعادة الجمهورية اللبنانية إلى كنفها العربي والدولي بعد مرحلة هذا الإصطدام من قبل هذه الطبقة السياسية التي أمعنت في ضرب الصيغ الديمقراطية وتعدّت على الدستور وأجدت سلطة جائرة غير ممثلة للشعب. إنطلاقاً من مقدمة الدستور وما تنص عليه في الفقرات/ أ – ب – ج – د – ه – و – ز/ نطرح لسموكم ولسيادتكم العناوين العريضة لخارطة الطريق التي نأمل وضعها حيِّز التنفيذ:

في المرحلة الأولى:

أ‌- العمل على إنتخاب رئيس جديد للجمهورية يتمتّع بحركة إستقلالية كحد أقصى وبعيد عن الإصطفافات الحالية شرط أن يكون مدعوماً من المجتمعين العربي والدولي.

ب‌- التوافق على تشكيل حكومة متجانسة تضم وزراء إختصاصيين تعمل وفقاً للأصول الدستورية.

في المرحلة الثانية:

أ- تأمين الحد الأدنى من الإستقرار على مستوى العلاقات الداخلية – الداخلية.

ب- إجراء الإصلاحات السياسية – القضائية – الأمنية.

ج- درس وتشريع قانون إنتخاب عادل ومتوازن يُعيد أنتاج سلطة وطنية مستقلّة.

د- درس وضع إدارات الدولة وآلية التوظيف داخلها، أي العمل على تطهير إدارات الدولة.

في المرحلة الثالثة:

أ- الطلب من المجتمع الدولي مساعدة النظام اللبناني ضمن إطار مندرجات القانون الدولي وضع حد لأي تدخّل في الشؤون الداخلية اللبنانية.

ب- مساعدة لبنان إنمائياً.

وبعد، هذه خارطة طريق عناوينها متواضعة نعرضها للدراسة والمناقشة والحوار، فهي عملياً تطرح أفكاراً وترسم بعض ملامح فكرنا السياسي اللبناني والعربي والدولي إنطلاقاً من عضوية وطننا لبنان في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة علّها تشكّل بداية طريق إنقاذ لبنان من جديد.

 

* كاتب وباحث سياسي