قلق فرنسي من إنعكاس التصعيد الاقليمي على لبنان
تعطّلت لغة الكلام والحوار لتحل محلها لغة السجال وتسجيل المواقف، التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع اللبنانيين الى إجراءات سريعة وحاسمة وحازمة لكل المشكلات المتراكمة، بدءاً من توسع انتشار فيروس كورونا بشكل مخيف، يعيد إلى الاذهان بداية الحالة الإيطالية، وضرورة توفير العدد الكافي من أسرّة العناية الفائقة في كل المستشفيات وتوفير الدعم الضروري لها وللأطقم الطبية لتتمكن من الصمود. عدا المعالجة السريعة عبر بعض الإجراءات الفعّالة، للحد من تنامي الازمة المعيشية والاقتصادية التي ارهقت معظم الشعب اللبناني، فيما تراجع الإهتمام الشعبي بموضوع تشكيل الحكومة لعدم ثقة الناس بكل الطاقم السياسي، مع ان تشكيل الحكومة يجب ان يكون بالتوازي في أولوية الاهتمامات، لأنها الجهاز التنفيذي لكل ما يمكن ان يوفّر المعالجات لهذه الازمات.
بعد حركة البطريرك الماروني بشارة الراعي التي لم تؤدِ إلى نتيجة فعلية لتحريك المياه الحكومية الراكدة بسبب تصلب المواقف من التشكيلة، ثمة كلام عن تحرك فرنسي جديد باتجاه لبنان، عبر زيارة وفد من مجلس الشيوخ الفرنسي الى بيروت يوم غدٍ الأربعاء مبدئياً، لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين والمرجعيات السياسية والدينية، للتأكيد مجدداً على استمرار المبادرة الفرنسية للحل واستمرار الدعم في كل المجالات، شرط ان يعي المسؤولون مسؤولياتهم ويتحملوا عبء معالجة الازمة.
وتردد ان الوفد الفرنسي يحمل القلق من التصعيد الاميركي – الايراني في الشرق الاوسط ومن إرتداداته على لبنان، بعد الكلام عن إحتمال لجوء الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب قبيل انتهاء ولايته إلى توجيه ضربة عسكرية ضد ايران، وتضطر معها طهران الى الرد، فتدخل اسرائيل على خط التوتر للهروب من مشكلاتها الداخلية ما يوسع نطاق التوتر العسكري، ما يدفع الرئيس المنتخب جو بايدن الى معالجة نتائج هذه المعركة بسرعة لتحقيق مشروعه بعودة المفاوضات مع ايران حول برنامجها النووي والصاروخي، ما يعني إنشغاله عن باقي ملفات المنطقة، ومنها الوضع اللبناني الذي قد تتأخر معالجته الى شباط او آذار، إذا صحّت تقديرات بعض القوى السياسية ومنها نواب ومسؤولين في تيار المستقبل، والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله والتيار الوطني الحر، بان تأخير تشكيل الحكومة يعود في معظمه لأسباب خارجية، وباقي المشكلات المتعلقة بتأليف الحكومة شكلية ويمكن حلّها بسرعة.
لكن هذا لا يمنع ان المنطقة في سباق بين التوتر والتهدئة، وان الانفجار العسكري ليس قدراً حتمياً لأنه يؤثر على مصالح كل الدول ومنها اميركا واسرائيل وايران، ومع ذلك تبقى كل الاحتمالات واردة مع شخصية موتورة متهورة ومغرورة مثل ترامب، لكن المهم كيف سيستجيب الجيش الاميركي لطلبه شن حرب او ضربة عسكرية على ايران مع وجود تحفظات كثيرة لدى كبار جنرالات الجيش، ومع بدء بايدن بإمساك بعض الملفات داخل الادارة الاميركية.
وفي السياق، قال مصدر دبلوماسي لبناني في عاصمة اوروبية مهمة لـ«اللواء»، ان الاوضاع في المنطقة ذاهبة على الأرجح إلى التهدئة التدريجية مع تسلّم الادارة الاميركية الجديدة مهامها بتنصيب الرئيس بايدن رسمياً، لأن بايدن سيعود الى السياسة الاميركية التقليدية مع ترك بصمته الخاصة واسلوبه الخاص على السياسيات الخارجية الداخلية لأميركا، وسيقوم بلا شك بتغيير سلبيات عهد ترامب لا سيما علاقاته مع اوروبا والشرق الاوسط، من دون ان يعني هذا التخلي او التراجع عن دعم اسرائيل.
ويؤكد المصدر الدبلوماسي ان اوروبا مهتمة بالوضع اللبناني لكن لديها إنشغالاتها الكبيرة ايضاً، من مواجهة كورونا الى ترتيب العلاقة مع بريطانيا حالياً، ومع اميركا لاحقاً وفي الشرق الاوسط ايضاً، لكن اوروبا تلحق السياسة الفرنسية حيال لبنان، وتتبنى خريطة الطريق التي وضعها الرئيس إيمانويل ماكرون، ما يعني انه على اللبنانيين مساعدة انفسهم ووضع اسس حل مشكلاتهم عبر تشكيل الحكومة وبرنامج الاصلاحات.