Site icon IMLebanon

فرنسا: لم نتراجع… فسّرنا موقفنا ولم نبرّره

 

 

تتقدّم الوساطة القطرية الساعية إلى تبادل الأسرى الفلسطينيين بالاسرائيليين والأجانب على باقي الملفات الساخنة وحتى الداخلية منها. ويبدو انّ الفرنسيين ينشطون في تحريك هذه المساعي، ولهذه الغاية توجّهت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الى الدوحة لمتابعة ملف المخطوفين الفرنسيين في قطاع غزة، والذي يبلغ عددهم ثمانية، وفق المعلومات الأخيرة بحسب المصادر الديبلوماسية الفرنسية، والتي كشفت انّ توجّه كولونا الى قطر هدفه ايضاً تحريك صفقة شاملة خاصة بتبادل الأسرى.

يقول مصدر ديبلوماسي فرنسي لـ«الجمهورية»، انّ فرنسا وبعد زيارة ماكرون لدولة اسرائيل، يتابع ملف أسراها المخطوفين في قطاع غزة وفي اطار المساعي الدولية التي تبذلها فرنسا لوقف اطلاق النار، تتواصل الدولة الفرنسية ايضاً مع كافة الفرقاء الذين يلعبون دور الوسيط في ملف تحرير الأسرى، خصوصاً الفرنسيين منهم، فيما يؤكّد المصدر الديبلوماسي الفرنسي أنّ «حماس» ستبقى بالنسبة لفرنسا منظمة ارهابية، ولا تتردّد الدولة الفرنسية عن اعلان ذلك جهارة. في المقابل يوضح المصدر الديبلوماسي الفرنسي نفسه انّ إعادة التوازن للموقف الفرنسي سببها الوضع الإنساني في غزة، ولذلك كان التصويت الفرنسي في الأمم المتحدة للقرار الذي تقدّمت به المملكة الاردنية لوقف اطلاق نار فوري، ودعمته كافة البلاد العربية، وكانت فرنسا الدولة الغربية الوحيدة التي صوّتت معه.

وفي السياق، يكشف المصدر الديبلوماسي الفرنسي لـ«الجمهورية»، انّ فرنسا تقوم بمساعٍ ديبلوماسية سرّية في موضوع المحتجزين لإطلاق سراحهم، وانّ العمل جارٍ على إخراج صفقة كاملة لتحرير جميع الأسرى من الجنسيات المختلفة، والتي تسعى ايضاً بلادهم للدخول في هذه الصفقة لتحريرهم، ومن بينهم الأسرى المخطوفين الذين يملكون جنسيتين الاسرائيلية والأجنبية.

 

اما عن اتهام فرنسا بانحيازها كلياً لدعم اسرائيل، فيذكّر المصدر الديبلوماسي الفرنسي ببداية الأحداث، لافتاً الى انّ مشهد عملية «طوفان الأقصى» رسّخ في ذهن العالم والفرنسيين صورة إرهابية لـ«حماس» اعادتهم الى مشاهد العمليات الإرهابية التي حدثت في فرنسا، كمشهدية «شارل ايبدو» وغيرها من العمليات الارهابية المماثلة. الاّ انّ الصورة بالنسبة للفرنسيين بحسب تعبير المصدر نفسه «تحوّلت» اليوم وعلى أصعدة عدة: على الصعيد الانساني، وهذا ما وثقته الدولة الفرنسية من خلال تعاونها مع الصليب الاحمر والهلال الاحمر المصري، من خلال تقديم الأدوية ومساعدات وارسال تقديمات، كاشفاً انّ القليل الذي استطاعت المساعي الدولية تمريره من رفح الى قطاع غزة كان لفرنسا دور ومساهمة فيه. اما من الناحية الثانية، فيكشف المصدر انّ الدولة الفرنسية تعمل لوقف اطلاق نار انساني. لافتاً إلى انّ فرنسا كانت الدولة الوحيدة، وماكرون كان الرئيس الوحيد الذي تكلّم عن تفعيل المفاوضات من أجل حلّ كامل وإقامة دولتين على الاراضي الفلسطينية.

فرنسا والحزب

 

من جهة اخرى، يكشف المصدر عن قنوات تواصل مفتوحة بين فرنسا و«حزب الله»، وعن علاقة جيدة ومستمرة معه، وربما هذا الامر هو الذي دفع السيد حسن نصرالله في خطابيه الاول والثاني إلى تحييد فرنسا، بعكس موقفه من الولايات المتحدة التي اتهمها بالمباشر بأنّها الداعمة الأولى لاسرائيل ولعملياتها في المنطقة. ويشير المصدر الديبلوماسي الفرنسي، انّه بالرغم من الاحتجاجات الشعبية التي أدانت الموقف الفرنسي والانتقادات التي وجّهها قياديون في «حزب الله» للموقف الفرنسي الاّ انّها شهدت انعطافاً بعد خطاب السيد نصرالله، وهذا الامر يردّه المصدر الفرنسي للعلاقة الممتازة بحسب تعبيره، بين الدولة الفرنسية والحزب، كما مع غيره من الفرقاء اللبنانيين. إذ تعتبر فرنسا التعاون والتنسيق مع الحزب ضرورة، لأنّه يمثل طرفاً رسمياً في مجلس النواب، وفرنسا لا تخجل من الإعلان عن هذا التعاون بعكس موقف الدولة الفرنسية من منظمة «حماس» التي تعتبرها إرهابية.

 

ويوضح المصدر الفرنسي، انّ في قنوات التواصل بين الطرفين، اي فرنسا والحزب، جرى تفسيرٌ للموقف الفرنسي وليس تبريراً، اي جرى تفسير الموقف الفرنسي الاولي وللطريقة التي تطور بها هذا الموقف، اي انّه تمّ العمل على خلق توازن او إعادة توازن بالنسبة لموقف فرنسا من اسرائيل ومن حق الفلسطينيين لتكون لهم دولة.

كذلك الامر بالنسبة للطرف الاسرائيلي، لاسيما بعد البلبلة التي احدثها ماكرون بعد المقابلة التي أجراها مع إحدى القنوات الأجنبية بالنسبة لموقفه من إدانة «حماس»، فقد اجرى ماكرون اتصالاً بالرئيس الاسرائيلي، اي انّه قام بتفسير موقفه على المستوى الرئاسي، وأوضح موقفه من إدانة الاعمال الارهابية مفسّراً وليس مبرّراً… اي انّ الرئيس الفرنسي وبحسب المصدر الديبلوماسي الفرنسي، لم يتراجع عن مواقفه ولم يبّررها لأي من الاطراف المعنية انما فسّرها…

 

علماً انّ الامر كان متوازياً مع المساعي الديبلوماسية التي تقوم بها الدولة الفرنسية لإنهاء جولات العنف في غزة. والحدير ذكره بحسب المصدر نفسه، انّ فرنسا هي البلد الوحيد الغربي الذي يتدخّل دولياً من اجل تحييد لبنان عن الصراع القائم، وهي تمارس ضغطها على اسرائيل وايضاً على السلطات اللبنانية، اي انّها تعمل على خطين وعلى نقطتين. والجدير ذكره ايضاً بحسب المصدر نفسه، «انّ فرنسا صوّتت منذ يومين ايضاً على إدانة اليهود المستوطنين في الضفة، وترتفع وتيرة اللهجة الفرنسية تباعاً تجاه هؤلاء المستوطنين اليهود في الضفة».

 

مغادرة لبنان؟

 

على الصعيد الداخلي، يقول المصدر الديبلوماسي لـ«الجمهورية»، انّ فرنسا، وعلى عكس البلاد الغربية، لم تطلب من رعاياها مغادرة لبنان «بل طلبنا من الفرنسيين الراغبين في المجيء الى لبنان إرجاء سفرهم الّا للأسباب القصوى. كما ارسلنا للمقيمين عبر البريد الالكتروني وبوتيرة تصاعدية، رسائل تطمينية لكيفية أخذ إجراءات الاحتياط اذا ما حصل اي تطور امني في المنطقة، مذّكرين بتوزيع جغرافي للمنطقة تساعد المواطنين الفرنسيين للتحرّك اذا ما تأزمت الاوضاع».

 

ويضيف المصدر: «الاّ انّ السفارة الفرنسية حتى الساعة لم تطلب من رعاياها المغادرة، واذا اضطر الامر قد نطلب منهم المغادرة من اماكن معينة من لبنان، وتحديداً الجنوب وليس من كافة المناطق اللبنانية».

 

وفي السياق نفسه اشار المصدر، إلى انّ وتيرة العمل في القنصلية الفرنسية تسير بصورة طبيعية بالنسبة لطلب التأشيرات، وهي مستمرة باتباع نفس الشروط التي جرى اتباعها سابقاً لحصول المواطنين على التأشيرات للسفر الى فرنسا، الاّ انّ تلك الطلبات بحسب المصدر نفسه خفّت وتيرتها بعد الأحداث الاخيرة، اي انّ العمل في القنصلية تراجعت وتيرته بسبب تراجع الطلبات، لافتةً الى انّ ليس هناك من شروط جديدة للبنانيين في هذا الاطار.

رئاسياً

 

من جهة اخرى، كشف المصدر الديبلوماسي الفرنسي، انّ مهمّة لودريان مستمرة الّا انّها مؤجّلة حالياً بسبب المستجدات الأمنية في غزة، مطمئناً إلى انّ لودريان سيعود الى المنطقة عندما يحين موعد نضوج الاستحقاق الرئاسي، بعكس جميع التوقعات والتسريبات التي تُروّج لعدم عودته الى لبنان.