Site icon IMLebanon

3 أسابيع إقفال ستَحرم لبنان من 225 مليون دولار “طازجة”

 

تعكس القرارات والطريقة التي اعتمدتها الحكومة والمسؤولون في مقاربة ملف الاقفال بالنسبة الى القطاع الصناعي، التخبّط وغياب الرؤية والتخطيط. وفيما يعتبر التصدير الصناعي اليوم البوابة شبه الوحيدة لجذب أموال طازجة وضخّها في الاقتصاد الوطني المتهالك، تتصرف السلطة المسؤولة وكأنها لا تعير أهمية الى هذا الموضوع الحيوي الذي يؤثّر في معيشة كل اللبنانيين.

 

تحوّل أحد «كاراجات» تصليح السيارات وهو من القطاعات المستثناة من الاقفال العام، الى ملتقى لكافة المتوقفين عن العمل نتيجة التعبئة العامة، ودارت حفلة «مشاوي» داخل الكاراج في اليوم الاول من الاقفال العام حيث اجتمع حوالى 15 شاباً من دون أدنى الاجراءات الوقائية ضد الوباء، علماً انّ الكاراج منذ أزمة انهيار سعر الصرف وقبل الاقفال العام، لم يعد يشهد حركة زبائن كثيفة واقتصرت اعماله على الحد الادنى من التصليحات، في حين انّ نقاط بيع قطع غيار السيارات او الدهانات مشمولة بالاقفال العام، بما يعيق بشكل إضافي عمل «الكاراجات».

 

في الشارع نفسه أقفلت المعامل والمصانع أبوابها بالكامل وتوقفت عملية الانتاج، رغم انها ضرورية لتلبية حاجات السوق المحلية وضمان استمرارية عملية التصدير الى الخارج لتأمين تدفق السيوبة النقدية بالدولار الى لبنان، وهو القطاع الوحيد اليوم القادر على تأمين العملة الاجنبية.

 

وبدلاً من ان «يكحّلها» رئيس الحكومة ويستثني كل المصانع من الاقفال العام، «عَماها» بالكامل وألغى بعض الاستثناءات التي كانت ممنوحة للبعض منها، علماً انّ القطاع الصناعي يُستثنى في دول العالم من قرار الاقفال لأنه ملتزم أساساً بالإجراءات في ما يتعلق بالحماية الصحية والمجتمعية ويعتبر حيوياً لتلبية الاستهلاك المحلي وضمان استمرارية تدفق الصادرات الى الخارج وتأمين العملة الصعبة للبلد.

 

في هذا السياق، أبدى نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش تخوّفه من ان يكون هناك قرار بضرب القطاع الصناعي على غرار ما حصل في القطاع السياحي والتجاري والمصرفي، مشيراً لـ»الجمهورية» الى انّ وزير الصناعة سبق وأعلن انّ المصانع في كافة دول العالم لا يتم شملها بقرارات الاقفال، وبالتالي «فإنّ المشكلة في لبنان تكمن مع الدولة في ما يتعلّق بعملية الرقابة»، لافتاً الى انّ جمعية الصناعيين ناشدت الوزير بفتح كافة المصانع وفرض رقابة مشدّدة من قبل الأجهزة الأمنية في إطار حالة طوارئ صحية تجنّد أفراداً من قوى الامن او الجيش لمراقبة التزام المصانع بإجراءات الوقاية او الاتقاف مع شركات حراسة خاصة تتحمّل المصانع كلفتها لضبط عملية الرقابة، على ان يتم اقفال المؤسسات غير الملتزمة.

 

وبالنسبة للاضرار المادية الناتجة عن عملية الاقفال، قال بكداش ان ايرادات الصادرات الصناعية تبلغ 3 مليارات دولار سنوياً (fresh money)، وبالتالي فإنّ اقفال المصانع حوالى الشهر يعني خسارة ما قيمته 225 مليون دولار.

 

بالاضافة الى ذلك، تخوّف بكداش من ان يؤدي تأخّر تسليم الصادرات الصناعية اللبنانية الى الخارج، الى تدهور العلاقات مع الشركات والجهات المستوردة للبضائع اللبنانية في وقت تتزايد فيه المنافسة مع المصانع الاسرائيلية والتركية التي تَستنسخ البضائع اللبنانية وتقوم بتصديرها.

 

وفيما ذكر انّ المصانع لم تعد تملك مخزوناً كبيراً من البضائع، كشف عن مساعٍ تقوم بها جمعية الصناعيين للحصول على استثناءات للمصانع المُصدِّرة الى الخارج، والتي تربطها عقود موقعة مع جهات خارجية لتسليم بضائعها في تواريخ محدّدة، حيث وافق وزير الصناعة ورئيس الحكومة مبدئياً على منح تلك الاستثناءات وفقاً لآلية سيتم تحديدها تنصّ على إرسال العقود الموقّعة بين الصناعيين وزبائنهم في الخارج مُرفقة بكتاب الى رئيس الحكومة من اجل الحصول على استثناء لفترة محددة من قرار الاقفال العام.

 

 

 

«الفرانشيز»

في هذا الاطار، استغربت الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز (الفرانشيز)، في بيان أصدرته امس، تراجع الحكومة عن إبقاء الاستثناءات لبعض القطاعات الانتاجية الحيوية للعمل ضمن شروط، في فترة الاقفال العام التي ستستمر 3 أسابيع. ورأت أن هذا التخبّط في اتّخاذ القرارات والتراجع عنها من دون تقديم أسباب مُقنعة، ما هو سوى دليل على عدم الادراك لواقع ادارة الشركات ونتائج تخبّط القرارات في شأنها.

 

وفيما أبدت الاستعداد لتحمّل كامل المسؤولية الملقاة على عاتقها، سألت عن قدرة الدولة على القيام بدورها تجاه القطاع الخاص المنتج؟ ودعت إلى تغيير قواعد الاغلاق لناحية السماح للمؤسسات والشركات بتسيير أعمالها الاداريّة الداخلية لعلاقتها بفروعها المنتشرة في الخارج أو لارتباطها بتأمين العقود والالتزامات مع شركائها وزبائنها في الخارج.

 

وأيّدت الجمعيّة فرملة النشاطات الانتاجية والقطاعية الى حدودها الدنيا تماشياً مع هدف الحكومة المعلن، وهو الحدّ من انتشار فيروس كورونا، ولكن من دون اللجوء إلى الاقفال العام والتام.

 

وإذ أعلنت عن «تفهّمها لما يقوم به بعض المسؤولين، ومن بينهم وزير الصناعة المدافِع عن القطاع وعن استمرارية تشغيله في كلّ الظروف، لإدراكه بارتباط أصحاب الانتاج بعقود وتسليم ضمن مواعيد محددة في الأسواق المحلية وتلك المخصّصة للتصدير بما يؤمّن الأموال الجديدة (Fresh money)».

 

وسألت: «هل يدرك سائر المسؤولين هذه الحقائق والوقائع؟ فالجمعية لا تريد أن يفسّر موقفها على أنّها ضد التدابير الاحترازية، ولكنّها تشدّد على ضرورة التنسيق مع القطاعات الاقتصادية والانتاجية كي تأتي القرارات متكاملة ومخفّفة من وَقع الأزمة».

 

أضافت: «يحب أن يترافق قرار تطبيق الاقفال العام لمدّة 3 أسابيع في محاولة لمنع تفشّي فيروس كورونا، مع وضع استراتيجية واضحة ومحكمة ومعمّمة على كلّ الأراضي اللبنانية، خصوصاً أنّ الأرقام والاحصاءات تشير إلى أنّ نحو 70 % إلى 80 % من المصابين هم من المخالطين في بيوتهم وفي مناطق الأطراف».

 

وأضافت الجمعية: «إنّ الاقفال من دون تأمين اللقاح للبنانيين يعني أنّ المعالجة ستكون موقتة وشبيهة بالاجراءات السابقة ومحدودة الجدوى. وسيؤدّي إلى إلحاق الضرر أكثر فأكثر بالاقتصاد المُنهك والمتهالك».