بكثير من الترقّب والهلع على المصير، تطلع الشعب اللبناني لما حدث في القنيطرة وما استتبعه في مزارع شبعا. أجمل ما في الموضوع، أن اسرائيل دفعت سريعاً ثمن فعلتها، لكن الخوف، كلّ الخوف، كان ولا يزال، من ردّة فعل إسرائيلية، مجنونة و\أو حمقاء، يدفع ثمنها لبنان، بأمنه وشعبه وجيشه واقتصاده وتقديمه المزيد من «الشهداء الأحياء» على غرار الذين هاجروا بعد حرب تموز 2006 بحثاً عن فرصة عمل خارج الجغرافيا التي تستسهل اسرائيل معاقبتها لحظة تريد.
من هنا، كان الحرص على ضرورة طرح أسئلة عدة، تتمحور حول المصلحة الاسرائيلية في التسخين والتصعيد وربما الحرب الشاملة، لأسباب تتعلق بانتخاباتها الداخلية، والمصلحة اللبنانية العليا التي تتطلب عدم الانجرار لأي فعل أو ردة فعل نودع من خلالها الاستقرار النسبي ونعود إلى مشهديّة فيها الكثير من الجسور المدمّرة والعائلات النازحة المشرّدة، والكثير من العزف على الوتر السني الشيعي ما بعد 7 أيار غير المجيد والحرب الدائرة في سوريا وهذا ما لم يكن موجوداً سنة 2006، ناهيك عن التضخم السكاني بسبب النزوح السوري الكثيف داخل الأراضي اللبنانيّة.
كلّ هذه الصور، حضرت لحظة الفعل الاسرائيلية وردة الفعل التي قام بها «حزب الله» وصولاً إلى كلمة السيد نصرالله التي بشّرتنا بوداع الـ1701 الذي يُشكِّل الضمانة الأولى والأخيرة للأمن اللبناني المنبثق من أمن جنوبه، على حدّ تعبير الرئيس ميشال سليمان.
وضرورة الحفاظ على الـ1701 تتطلب أصواتاً تخاف على لبنان وعلى أمن لبنان وشعب لبنان ومقاومة لبنان في حال اعتدت اسرائيل، فصديق المقاومة هو من صَدَقَها لا من هلّل طمعاً بمنصب أو براتب شهري كما هي حال البعض، أو بحثاً عن كرسي الأحلام في بعبدا بعد هذا الشغور الطويل.. صديق المقاومة هو من نَحَتَ «إعلان بعبدا» لحماية لبنان بعد إلقاء القبض على باخرة لطف الله2 والتقارير الواردة عن تسلل مجموعات للقتال في سوريا والتحضير لإنشاء مناطق عازلة تكون ممراً ومقراً لهذه المجموعات.. صديق المقاومة هو من تنبّه لخطورة ضرب الاعتدال السني، فوقف كالرمح داعماً لهذا الاعتدال الذي يحمي بدوره هذه المقاومة.. صديق المقاومة هو من ابتدع فكرة «النأي بالنفس» لعدم التصويت على العقوبات ضد إيران.. صديق المقاومة هو من وضع استراتيجية دفاعية كمنطلق جدي للنقاش، تحمي لبنان من خلال الاستفادة من قدرات «حزب الله» في مواجهة العدوان الاسرائيلي.. صديق المقاومة هو من رأى في قتال أي فرد أو مجموعة لبنانية خارج الحدود، «إضعاف للمناعة الوطنية»، وهذا ما أثبتته التجربة عند كلّ محطة مفصليّة.. صديق المقاومة هو من طالب بوضع «المعادلات الخشبية الجامدة» جانباً (بالجمع)، بمن فيها «إعلان بعبدا»، للبحث عن صيغة مقبولة، فكان له ما أراد، ومن «مطبخه السياسي» في قصر بعبدا خرج الحلّ، فكانت حكومة..
صديق المقاومة هو من كان «جسر عبور ما بين الشرق والغرب»، ومثّل لبنان «فوق العادة» رافعاً إسمه عالياً ومدافعاً كما يجب عن جميع اللبنانيين بمن فيهم «حزب الله»، بعد «إنجازات» سلفه التي وضعت لبنان الرسمي في الحضيض، بعدما برهن بالقول والفعل والممارسة أنه دمية دمشقية لا أكثر، فكان بانسياقه الأعمى، على لبنان عبئاً وللمقاومة ردّاحاً غير فاعل.