الانفراجات التي كانت متوقعة قبل ايام على خطوط الوساطة الموزعة بين الرئيس نبيه بري واللواء عباس ابراهيم، لإعادة إنعقاد جلسات مجلس الوزراء وإيجاد مخرج لحادثة قبر شمون، عبر مصالحة بين الحزبين الاشتراكي والديموقراطي، اي بين النائب السابق وليد جنبلاط من جهة والنائب الحالي طلال ارسلان والوزير صالح الغريب من جهة اخرى، وبالتالي إيقاف الاحتقان في الشارع الدرزي، كل هذه الانفراجات التي توقعها المسؤولون المعنيون عادت الى المربع الاول والى نقطة الصفر، لان حادثة البساتين التي وقعت ليل الجمعة زادت الطين بلّة، وسبقها بذلك المؤتمر الصحافي الذي عقده ارسلان، والذي أشعل الشارع الاشتراكي فكان الرد بحادثة البساتين، وتبعتها سلسلة تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل جنبلاط وارسلان، إضافة الى تراشق المناصرين على مختلف تلك المواقع، والذي ينذر بما لا يُحمد عقباه، لان ما يجري تخطى المعقول وبالتالي اوصل الوضع الى طرق مسدودة، بحسب ما يرى مطلعون على الملف ويبدون تخوفاً كبيراً من الآتي ويصفونه بالاعظم…، لافتين الى ان إنعقاد لقاء خماسي في بعبدا يضم رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة، والنائب طلال ارسلان والنائب السابق وليد جنبلاط لن يرى النور، لان تغريدات الاخير ردّت عليه صباح امس، بحيث اكد الزعيم الاشتراكي أنه لا يريد لقاء ارسلان، مما يعني ان الطرح لاقى الفشل فور إعلانه، وما يزيد هذه الصورة السوداوية المؤتمر الصحافي لارسلان امس الذي اكد المؤكد.
الى ذلك تشير مصادر سياسية على علاقة مع الطرفين، الى ان لبنان هو من يتحمّل تداعيات ما جرى ويجري في هذا الاطار، في ظل هذه الظروف الاقتصادية المأساوية، لان التعطيل بات سيّد الموقف جرّاء اي حادثة، خصوصاً ان العمل الحكومي مطلوب اليوم بقوة وبجهد، وهو من يدفع الثمن لان عدم إنعقاد جلسة مجلس الوزراء منذ اسابيع يعني المزيد من التأزم والوصول الى الهاوية والتي من الصعب جداً ان يتم إنتشالنا منها، فيما لا يأبه المعنيون لخطورة الاوضاع وتداعياتها على مستقبل البلد، الذي غرق بمن فيه من دون ان يرّف جفن احد وكأنهم ليسوا مسؤولين عن هذا الوطن. سائلة :« كيف يمكن لحكومة ألا تنعقد في هذه الظروف الدقيقة؟، مما ينذر بشلل طويل الآمد في حال لم يتداركوا نتائج ما يقومون به، وكيف يمكن ان يتوقف البلد عند كل حادثة تجري؟، ويترافق ذلك مع قلق كبير على مصير الموازنة وإشكالية المادة 80.
وتنقل هذه المصادر بأنها سمعت كلاماً مفاده ان لا مؤشرات للانفراج، لان الوضع زاد تعقيداً وكأن هنالك شيئاً مبرمجاً للقضاء على البلد، خصوصاً ان الردود المتبادلة بشأن حادثة البساتين الاخيرة لم تؤد الى اي توضيح، بل الى تراشق اعلامي مفتوح ومهدّد بالاسوأ، ورأت أن إصرار الرئيس الحريري على دعوة مجلس الوزراء للانعقاد الاسبوع المقبل، سيُواجه بمشاكل عديدة لان الوضع لا يسمح بلقاء المتناحرين على طاولة مجلس الوزراء، خصوصاً ان النار تحت الرماد وتحتاج الى وقت طويل كي تهمد.
وعن إمكانية إستقالة الرئيس الحريري كما يشاع، نفت المصادر المذكورة كل هذه الشائعات، لان الحريري لا يريد تدمير البلد وهذا من شأنه ان يحقق ما يبغيه البعض، وبالتالي فرئيس الحكومة رجل مسؤول ولن يحقق لهم هذا الهدف.
في غضون ذلك نقلت معلومات وفق مصادر سياسية مراقبة أن بعض السفارات الغربية الصديقة للبنان، حذرت من تمادي الوضع نحو الاسوأ ونصحت بالتعقل والحكمة والتروّي، لان الوضع لا يحتمل ابداً، مذكّرة بمؤتمر «سيدر» الذي سينقذ لبنان وإلا…، وبالتالي فإن ما يجري سيؤثر على الوضع الداخلي بشكل عام، كما دعت هذه السفارات الى ضرورة الحراك بأسرع وقت لإيجاد مَخرج، والتعالي عن المصالح الشخصية، لان لبنان بخطر لم يصل اليه حتى في فترة الحرب التي عاشها على مدى عقود من الزمن بحسب ما تختم المصادر عينها.