القضايا المختلف عليها مترابطة، وان لجأنا الى التعامل معها بالمفرّق: الخلاف على الحصص في الحكومة، الخلاف على السياسة، الخلاف على ادارة السلطة، والخلاف على موقع لبنان بين المحاور. ولسنا، مهما تكن الخلافات، في أزمة عصيّة على التسوية هي تأليف حكومة. لكن ما يأخذنا بعيون مفتوحة الى الخطر الذي يراه بعضنا فرصة هو استسهال الاستمرار في أزمة لها حلّ على طريق أزمة حكم لا حلّ لها، ضمن أزمة نظام لا أمل في البحث عن حلّ لها، وسط أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية.
وكما في أزمة التأليف والأزمات التي سبقتها كذلك في أزمة الشغور الرئاسي للمرة الثالثة منذ العام ١٩٨٨: تكرار الاصطدام بالجدران الصلبة. فلا مخارج دستورية من الأزمات. واذا كان هناك مخرج، فان الاعتبارات السياسية والطائفية والمذهبية تغلقه. ولا احتكام الى نتائج الانتخابات النيابية، مهما يكن الطرف الرابح، كما حدث في انتخابات ٢٠٠٥ و٢٠٠٩ ويحدث اليوم حيث يدعو الجميع الى احترام نتائج الانتخابات وتأليف الحكومة على أساس الأحجام والأوزان وسط أكبر خلاف على تطبيق المعايير. ولا مهرب من انتظار تطورات وصراعات في المنطقة، والحديث عن مواقع خارجية تعرقل، والاتكال على مواقع خارجية تسهّل، برغم خطاب القرار المستقل واللبننة.
وفوق ذلك، فان قانون التحالفات والتسويات والتفاهمات في العالم ينطبق علينا. وهو ما اختصره أستاذ العلوم السياسية ومدير البرنامج لدراسة السياسة الخارجية الواقعية في جامعة أوهايو راندال شويلر بالقول: أكبر عدو للتحالف هو النصر. فلا مبادئ بل مصالح وأهداف يتم استخدام أي شيء لتحقيقها. وعمر التفاهمات والتسويات مرتبط بالأهداف والمصالح: قصير اذا تحققت، وطويل اذا لم تتحقق.
والأحاديث تدور حاليا على تفاهم معراب والتسوية الرئاسية والحكومية، وتفاهم مار مخايل. تفاهم معراب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية أعلن التيار سقوطه بعد تبدّل الظروف. والتسوية الرئاسية والحكومية التي كان التفاهم جزءا منها تهتز بعد تبدّل الظروف، لكنها لم تسقط لأن الحاجة اليها لا تزال جزءا من المصالح. وتفاهم مار مخايل بين التيار الوطني الحر وحزب الله صامد لأنه لا يزال يخدم مصالحهما.
وما نراه في تأليف الحكومة ان الأمور التي كان المفترض ان تكون الأسهل هي الأصعب في تأليف الحكومة. فالعقد الظاهرة هي في مثلث التسوية الرئاسية والحكومية. والعقد المجهولة – المعلومة، مرتبطة بأهداف ومصالح لم تتحقق بعد في صراع جيوسياسي اقليمي ودولي. وأقل ما يقال هو ان تذليل العقد ينتظر ما ينتهي اليه المشهد الأخير في الصراع الجيوسياسي.