IMLebanon

من «القاعدة» إلى «داعش».. السعودية صامدة

محاولة جديدة قام بها الدواعش في مسجد حي العنود بالدمام، بعد أسبوع من استهدافهم المصلين الآمنين في جامع الإمام علي في بلدة القديح في القطيف، إلا أن الفرق بين الحادثتين كان أكبر بكثير من الخمسة والعشرين كيلومترًا الفاصلة بين الموقعين، فعلى قدر الصدمة والألم من الضحايا الذين فقدتهم البلاد، تتسع دائرة الاتفاق على أن محاولات «داعش» في قتل المزيد من الأبرياء لم تحقق مرادها، فقد فشلوا، هم ومَن ناصرهم ومن خطط لهم في الداخل والخارج، في تحقيق ولو قدر ضئيل من نجاح استراتيجيتهم المتمثلة في طعن خاصرة الدولة السعودية عبر خلق فتنة طائفية، وأيضًا صعقوا بثقة المواطنين السعوديين في دولتهم وقدرتها، كعادتها، على مواجهة الكوارث مهما صعبت وتعقدت.

ولأن دولة مثل السعودية ذاقت الأمرّين من الإرهاب والإرهابيين، فكانت من أكثر الدول تحذيرًا من هذه الآفة ومكافحة لها، كما أنها كانت من أوائل الدول التي جرّمت من يشارك في أعمال قتالية أو ينتمي لجماعات دينية أو فكرية متطرفة وإرهابية، فهذه الدولة تعي أن محاربة الإرهاب لم تعد شأنًا محليًا ينحصر في حدود دولة، بل أصبحت هدفًا عامًا للمجتمع الدولي، بعد أن باتت التحدي الأخطر أمام العالم، وها هو الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يحذر من زيادة تدفق المقاتلين الأجانب في دول الصراع، كاشفًا أن لجنة الرصد وتطبيق العقوبات ضد التنظيمات الإرهابية قدرت أن أكثر من 25 ألفًا من المقاتلين الأجانب من أكثر من 100 دولة قد سافروا إلى سوريا والعراق وأفغانستان واليمن وليبيا، وبعد هذا كله يراد لنا أن نصدق أن تنظيم داعش لا تقف خلفه استخبارات دول، وأن شخصًا بسيطًا مثل أبو بكر البغدادي قادر على إدارة كل هذا العمل التنظيمي الاستراتيجي مكونًا شبكة إرهاب عالمية غير مسبوقة في أقصر وقت ممكن!

الأزمات التي تمر بالدول انعكاس طبيعي لما يجري حولها، فعندما يستوطن «داعش» بالقرب من حدودك، ويحاربك الحوثيون في جزء آخر من حدودك، وتعم الفوضى دولاً عربية ليست بعيدة عنك، بالإضافة إلى محاولات جارك على الضفة الشرقية من الخليج العربي التدخل في شؤونك الداخلية، وتكون على الرغم من هذا كله من الدول العربية الكبرى القليلة التي تنجو من الفوضى التي تحيط بك، فلا بد لهذه لمساعي أن يكون لها ثمن وربما أحيانًا ثمن غال، لكن الفرق أن الدول الكبرى، مثل السعودية، التي تمارس سياسات حكيمة وعقلانية، قادرة على امتصاص هذه الصدمات والخروج منها بأقل الخسائر.

على مر تاريخها واجهت السعودية الكثير من الأزمات العاصفة، سواء تلك التي هبت من الخارج أو تلك التي نبعت من الداخل، وعلى قدر قوة تلك الأزمات وصعوبتها، كانت المملكة تخرج كل مرة أكثر قوة وأشد بأسًا مما كانت عليه، وفي كل مرة تمضي السعودية صامدة في بحر هائج من الأمواج يعاني من الاضطرابات والفوضى، مع قدرة عجيبة على تخفيف كل تلك الصدمات واحتوائها في حدها الأدنى.