IMLebanon

من الجمهورية المعطَّلة إلى جمهورية في عطلة

لا شيء سيُعرِّي الطبقة السياسية، على فشلها الذريع، سوى الأمطار الغزيرة المتوقعة بدءاً من مساء اليوم وفجر غد، والتي تؤشِّر إلى بدء فصل الأمطار.

كنا في ما مضى نتندَّر كيف أنَّ الإدارات المعنية لا تتذكَّر تنظيف المجاري والسواقي إلا بعد أن تُسدَّ بالنفايات فتفيض مياهها على الطرقات وتتسبَّب في تحوُّلها إلى بحيرات ومستنقعات يسبح فيها المارة والسيارات.

اليوم الوضع مختلفٌ جداً، ما كان يشكو منه المواطن من طنٍّ أو طنين على الأكثر في المجاري والسواقي، سيجده لا شيء أمام مئات آلاف الأطنان التي لن تسدَّ المجاري فحسب بل الطرقات ومجاري الأنهر.

المواطن لن يسأل:

من المسؤول؟

لأنَّه يعرفه. كما لن يسأل:

ما هي العواقب؟

لأنها ستكون ماثلة أمام عينيه بكلِّ وضوح:

جمهوريةٌ تسبح في النفايات… هذه الكارثة التي ستحل، لن تُحرِّك جفناً من المسؤولية، فحفلة المزايدات على أشدِّها بين المكوِّنات المعنية بموضوع النفايات، إلى درجة بات بالإمكان معها الحديث عن بورصة مواقف تصعد وتهبط بحسب مزاج الذين يقفون خلفها.

كان مطمر الناعمة جاهزاً لإعادة الفتح لسبعة أيام، جاءت على ما يبدو كلمة سرٍّ من مكانٍ ما فانقلب القبول إلى رفضٍ متجدد.

وما ينطبق على الناعمة يبدو أنَّه ينطبق على منطقة سرار في عكار، كلمة سر وتصفية حسابات بدأ تبادلها في ملعب سرار، وكلامٌ كبير على غرار لن تمر شاحنات النفايات إلا على أجسادنا. لكن السؤال يبقى:

كيف يتمُّ الإعتراض على مطمر سرار في الوقت الذي شارف العمل على تجهيزه على الإنتهاء؟

كيف يكون الشيء وعكسه في آنٍ واحد؟

وما يُقال عن الناعمة وسرار يمكن قوله عن البقاع الذي يرفض بعض أبنائه أن يكون إحدى المناطق التي سيكون فيها مطمر.

لقد دخلنا في دائرة اللغز بدل أن نكون في مرحلة الفرز:

فمطمر الناعمة يمكن أن يفتح في دقائق إذا كان هناك قرار سياسي وغطاء سياسي بإعادة فتحه. ومطمر سرار تمَّ تجهيزه ليستوعب مئة ألف متر مكعب من النفايات، فإذا كان هذان المطمران ممنوعَيْن فأين ستكون هناك مطامر بديلة؟

لقد انتقلنا من العجز إلى التعجيز، وإذا بقيت الأمور على ما هي عليه فإنَّ الكباش السياسي سيؤدي إلى بقاء النفايات في الطرقات وإلى انهيار كل الحلول. وعندها ماذا يمكن أن يحدث الخميس المقبل مع قرار الحراك المدني، تنفيذ إعتصام مركزي بالتزامن مع جلسة الحوار التي ستنعقد لثلاثة أيام متتالية بدءاً من اليوم.

حتى الآن لا مؤشرات إلى أنَّ طاولة الحوار ستجد منفذاً يخرق جدار المأزق، فلا مقترحات الترقيات حازت على التوافق، ولا المشاورات تسمح بالقول إنَّ العودة إلى طاولة مجلس الوزراء ممكنة، وعليه فإنَّ السلبيات تتقدَّم بأشواط على الإيجابيات:

فطاولة مجلس الوزراء معطَّلة، وطاولة الحوار في طريقها إلى التعطيل، والمطامر إلى عطلة قسرية وربما نهائية، فهل انتقلنا من الجمهورية المعطَّلة إلى جمهورية في عطلة؟