تنامت ظاهرة الشيخ احمد الاسير (مواليد العام 1968 في صيدا، والده هلال الاسير كان مطربا وعوّادا، ووالدته شيعية من مدينة صور) بشكل تدريجي في مسجد بلال بن رباح في عبرا (شرق صيدا)، منذ العام 1997 (كان المسجد عبارة عن مصلى تحول الى مسجد).
الانطلاقة كانت كداعية للاسلام فقط، وإماما للمسجد. وقد جمع الاسير حوله الانصار والاتباع واخذ يقيم الحلقات الدينية والدروس المتعلقة بالاحاديث والتفسير والفقه، علما انه درس في مدرسة الراهبات لينتقل لاحقا الى معاهد الشريعة.
في بداية مسيرته، تمكن من جمع مريدين من مختلف شرائح المجتمع الصيداوي، من أناس بسطاء كما من ابناء العائلات الصيداوية الغنية والميسورة، ومن المتعلمين. وكان من اللافت للنظر مشاركة الفئات العمرية الشابة، سواء في الصلاة التي كان يؤديها كامام في المسجد او خلال اعطائه الدروس الدينية. لم يكن الاسير يتعاطى السياسة في كل تلك السنوات، وبقي كظاهرة تتنامى بسرعة في المدينة وعلى حساب جميع القوى والتيارات السياسية، وحصد مناصرين من «الجماعة الإسلامية»، ولاحقا اخذ من «تيار المستقبل» ومن «التنظيم الشعبي الناصري»، عدا المحايدين والمترددين، بالاضافة الى من تجند معه من الفلسطينيين والسوريين.
في اواخر العام 2010 بدأ اســم الشيخ الاسير يلمع كناشط اسلامي سلفي متشدد معلنا مواقف نارية من قضايا ســياسية واخرى لها علاقــة بخلافات فقهية بين السنة والشيعة.. ومع انطـلاق ما سمي بـ«الربيع العــربي» كان التحول الاستراتيجي في نهج وعمل الاسير وانــتقل من موقع الى آخر: من مرشد وداعية وإمام الى «رجل الثورات الإسلامية».
مع بداية العام 2011، انحاز بشكل كلي الى المعارضة المسلحة في سوريا وكان يطلق عليها ألقابا مثل «المجاهدين» و «الثوار» و «الاحرار» وغيرها، محرضا ضد النظام السوري ومطلقا حملة واسعة لجلب المناصرين وإحضار المتطوعين وتجنيدهم للقتال في سوريا، واقام الاعتصامات والمسيرات دعما لـ «الجهاد» هناك.. وراح يتهجم يوميا بشكل فظ وعنيف على السيد حسن نصرالله و «حزب الله» وعلى الرئيس نبيه بري و «حركة امل».
عام 2012 ، كان عام الاسير بامتياز وتحول الى «رمز سني»، ليس في صيدا فحسب بل في العديد من المناطق، وبات مقصدا لكل الحركات والتجمعات السلفية.. الا ان التحول الابرز في مسيرته كان في قطعه طريق الجنوب لمدة 33 يوما، ومن ثم تأسيسه خلايا عسكرية ووحدات مقاتلة عمل على تسليحها وتدريبها، وأقام مربعا امنيا خاصا به، وخاض إشكالات شتى في المدينة مع الجيش اللبناني اكثر من مرة وكان يتهجم ويتهكم دائما على قيادته وضباطه.. ومع «حزب الله» و «سرايا المقاومة» في عبرا نفسها، انطلاقا من موضوع الشقق السكنية التابعة للحزب في البلدة.
العام 2013 شكل انتهاء هذه الظاهرة عسكريا بشكل دراماتيكي، وبعد معركة شرسة خاضها الجيش اللبناني انتهت في اقل من 48 ساعة وأسفرت عن استشهاد ما يفوق الـ20 ضابطا وجنديا من الجيش، عدا عشرات الجرحى، اضافة الى عدد من المواطنين، ناهيك عن القتلى في صفوف الأسير من المواطنين الصيداويين والسوريين والفلسطينيين الذين تجندوا معه.
انتهت المعركة بفرار الاسير مع «الحلقة الضيقة»، وسيطر الجيش على مجمع الاسير وعلى المسجد وجميع ملحقاته ومقراته ومكاتبه ومقتنياته واسلحته.
بعد جلاء غبار المعركة، اظهرت الوثائق التي جمعت من مقراته ان الاسير كان بصدد حكم صيدا وجعلها «إمارة اسلامية» تمتد من الأولي شمالا حتى سينيق جنوبا، وشرقا حتى مجدليون في المرحلة الاولى.