مطلع شهر تشرين الثاني المقبل، وتهديدات وزارة العدل الأميركية بأنّه «سيتم فرض عقوبات قاسية» لن تبقى من دون ترجمة، ولا يعني هذا أنّ لبنان سيكون بمنأى عن هذا الضغط أو أنّه لن يتأثّر بهذه العقوبات، وجود حزب الله في الحكومة وفي وزارة حيّوية جدّاً للبنانيّين سيتسبّب بوجع رأس للحكومة العتيدة وللبنان معها.
نكمل اليوم الحلقة الثانية من هذا الهامش بنشر دراسة نشرهال معهد واشنطن 21 نيسان 2016 للباحث ماثيو ليفيت (مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن) والذي حمل عنوان «جريمة حزب الله المنظمة العابرة للحدود»، ونكمل من حيث توقّفنا في هامش الأمس فبحسب الدراسة «كشف الأميركيون «مُركب صفقات الأعمال» في حزب الله نتيجة سلسلة من قضايا [الجرائم التي حققت فيها] «إدارة مكافحة المخدرات» الأميركية والتي جرت تحت عنوان»مشروع كاساندرا» الذي استهدف «شبكة عالمية لحزب الله مسؤولة عن توزيع كميات كبيرة من الكوكايين في الولايات المتحدة وأوروبا» وبرزت العديد من الحالات الأخرى في المدة الأخيرة التي تم في إطارها ارتكاب الأنشطة الإجرامية المنظمة العابرة للحدود من قبل أشخاص يتمتعون بعلاقات رسمية وحتى وثيقة جداً مع الحزب.
بالتأكيد يذكر اللبنانيّون اسم «إيمان قبيسي»، حضر اسمها في الدراسة وكانت اعتقلت في أتلانتا (بولاية جورجيا)، بتهمة غسيل أموال المخدرات لعميل سري وأبلغته بأن زملاءها في »حزب الله« يسعون إلى شراء الكوكايين والأسلحة والذخيرة.
إلى جانب ذلك، ناقش جوزيف الأسمر، الذي اعتقل في باريس في اليوم نفسه في عملية منسقة، إجراء معاملات محتملة خاصة بالمخدرات مع عميل سري، وعرض استخدام علاقاته مع حزب الله لتوفير الأمن لشحنات المخدرات وبشكل إجمالي، أشار المشتبه بهما إلى وجود اتصالات إجرامية في عشر دول على الأقل في جميع أنحاء العالم، وسلّطا الضوء على الطابع العابر للحدود لهذه العملية التي يديرها حزب الله.
وبحسب الدراسة المنشورة عام 2016 أنّه على مدى الأشهر القليلة التي سبقت نشرها، تمّ القبض على ميسّري العمليات الإجرامية للحزب في جميع أنحاء العالم، من ليتوانيا إلى كولومبيا وإلى العديد من الدول بينهما، وقد تمّ إدراج آخرين على لائحة وزارة الخزانة الأميركية، بمن فيهم رجل الأعمال قاسم حجيج الذي له صلات مباشرة بحزب الله، وعضو «منظمة الأمن الخارجي» حسين علي فاعور، وعبد النور شعلان، وهو شخص بارز يعمل على شراء الأسلحة لحزب الله وتربطه علاقات وثيقة مع قادة الحزب، وعلى حد تعبير مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأميركية، يستخدم حزب الله ما يسمى بالأعمال التجارية المشروعة لتمويل وتجهيز وتنظيم أنشطته التخريبية.
وصفت دراسة «ماثيو ليفيت» تورط عناصر فعليين من حزب الله في الأعمال الإجرامية بأنّه ليس بالأمر الجديد، فبغضّ النظر عن الأتباع الذين يتبرعون للـ»قضية» من عائدات الأنشطة الإجرامية التي يقومون بها، هناك العديد من الحالات السابقة من شبكات «الجرائم العابرة للحدود» التي يديرها حزب الله مباشرة، وقدّمت مثالاً على ذلك، ترأس «شبكة بركات» في منطقة الحدود الثلاثية في أميركا الجنوبية ممثل نصر الله الشخصي في المنطقة، أسعد أحمد بركات. وعندما أدرجت وزارة الخزانة الأميركية بركات على لائحتها في عام 2004، لم تترك أي مجال للشك حول مكانته في الحزب، واصفة إياه بأنه «ممول رئيسي للإرهاب في أميركا الجنوبية استخدم كل جريمة من الجرائم المالية المعروفة، بما فيها شركاته، لتوليد التمويل لحزب الله… فمن التزوير إلى الابتزاز، ارتكب بركات جرائم مالية واستخدم شركات وهمية لضمان المال للإرهاب».
الأيّام المقبلة لن تمرّ على لبنان بدون زوابع وعواصف، وقد لا يحتاج البلد إلى انتظار شهر تشرين الثاني وإعلان العقوبات التي ستفرض على حزب الله، على الأقلّ ستبدأ إرهاصات هذه الزوابع مع إعلان التشكيلة الحكوميّة التي قد تثير ردود فعل دوليّة مع إعلان دخول حزب الله وزارة الصحّة اللبنانيّة، وهلمّ جرّاً.