IMLebanon

من الجميزة الى الجنوب لبنان في عين الإستحقاقات الكبرى

 

ثلاثة مشاهد من الاسبوع الفائت غير مرتبطة ببعضها البعض، نظريًا، لكن عمليًا مرتبطة بشكل مباشر:

المشهد الأول القداس الإحتفالي بعيد مار مارون شفيع الطائفة المارونية.

المشهد الثاني، في اليوم ذاته، توقيع عقود النفط مع كونسورتيوم الشركات الثلاث للبدء بالتنقيب عن النفط في بحر لبنان.

والمشهد الثالث الإعتداء الإسرائيلي داخل الأراضي السورية والرد السوري بإسقاط طائرة اسرائيلية.

 

 

للوهلة الاولى لا ترابط بين الأحداث الثلاثة، لكن عمليًا نعم: فالمشهد في عيد مار مارون ضروري للتأكيد أن لا شيء ينجح في لبنان من دون استقرار ومن دون تحمل المسؤولية على أكمل وجه، وهذا ما عبّرَ عنه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي قال في حضرة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وأركان الدولة:

من تضحيات المسؤولين السياسيين، تقوم لنا دولة قادرة ومنتجة، ووطن محبوب من شعبه، غنيّ بتراثه، ومعتز بتاريخه. إنّ هذه التضحيات كفيلة بمواجهة التحديات، وأولها تعزيز العيش المشترك كتجربة لبنانية نموذجية مميزة بنمط الحياة الذي يؤمّن فرص التفاعل والاغتناء المتبادل، ويحترم الآخر في تمايزه وفرادته وثقافته، ويتشارك معه في حكم الشأن الوطني وإدارته. وثاني التحديات بناء دولة ديموقراطية حديثة تحمي صيغة العيش المشترك، وتوثق بين المواطنة للأفراد والتعددية للجماعة.

 

لم يكتفِ الكاردينال الراعي بهذا الموقف بل أرفقه بالتأكيد على جملة من الثوابت وفي مقدمها الإنسجام بين الحرية، التي هي في أساس فكرة لبنان، والعدالة القائمة على المساواة في الحقوق والواجبات، التي من دونها لا يقوم عيش مشترك. الإنسجام بين حق المواطن الفرد في تقرير مصيره وإدارة شؤونه ورسم مستقبله، وبين حق الجماعات في الوجود الفاعل على أساس خمياراتها. والإنسجام بين استقلال لبنان ونهائية كيانه، وبين انتمائه العربي وانفتاحه على العالم.

احتفال مار مارون توقف عنده المراقبون لجهة الحشد الكبير والتنظيم الرائع الذي أشرف عليه مباشرة، وككل سنة، رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، وهو المشهود له بعمق التفكير وحسن التنظيم، ومعه بلغت مدارس الحكمة وجامعتها أرقى المستويات، وهو الذي يسهر على مناهجها وبرامجها، حتى لتحوّلت الى مثال يُحتذى به في مستوى التعليم ورقيّه.

 

المشهد الثاني، توقيع عقود النفط مع كونسورتيوم الشركات الثلاث، وكان تأكيد على ان العمل سيبدأ بالبلوك الرابع في الشمال والبلوك التاسع الذي تدّعي اسرائيل ملكيتها له، لكن لبنان مصرّ على حقه المقدس فيها.

 

 

المشهد الثالث الذي ارتاب منه اللبنانيون هو الإشتباك السوري- الاسرائيلي بعد الاعتداء الاسرائيلي داخل االأراضي السورية والذي أعقبه اسقاط طائرة اسرائيلية بواسطة الدفاعات السورية… هذه التطورات رأى مراقبون ان بالإمكان ضبطها لأنها تأتي عشية وصول وزير الخارجية الأميركي الى بيروت.

وزير الخارجية الأميركي يأتي على خلفية تعزيز الاستقرار وليس تأجيج الحرب، فعلى مستوى الملف النفطي، هو عارف به لأنه كان مدير شركة إكسون موبيل حيث كان يدير شركة عملاقة فيها ما يوازي مئة ألف موظف بين اميركا وكافة أنحاء العالم.

في لبنان، لن يكتفي بالطمأنة في الموضوع النفطي بل سيحث اللبنانيين على السير في موضوع الانتخابات النيابية، أيًا تكن النتائج. فبالنسبة اليهم آن الأوان لاجراء انتخابات مضمونة الاجراء من دون أن تكون نتائجها معروفة مسبقًا.