يا حاملَ الآلامِ عنْ هذا الورى
كَثُرَتْ علينا باسمكَ الآلامُ.
هل باسمك تتكاثر علينا الآلام؟ وعلى وطنٍ يُسمَّر على الصليب، يسقونه الخلَّ والمرّ، يبيعه “اليوضاسيّون” بالزّائفِ من الفضّة، “والبيلاطسيون” يغسلون أيديهم من الدم المسفوك؟
أنت من أجل مملكتك التي ليست من هذا العالم صلبوك.
وهو من أجل رئاسته التي ليست من عالمهم يصلبونه.
ومثلما أن الذين استقبلوك في أورشليم بسُعُفِ النخل والزيتون، هم أنفسهم الذين ساقوك الى الجلجلة، فإنّ الذين استقبلَهُم بالزيتون والنخل، هم الذين يلسعونه بالسياط على درب جلجلته.
أنت متّ من أجلنا على الأرض لنحيا معك في الملكوت، ولأنك إبن الإله دحرجت عن قبرك الحجر وانطلقت مرفوعاً الى السماء.
ونحن لا نزال من أجلك نموت خطأةً على الأرض، وأنىَّ لنا أن ندحرج الحجر ارتفاعاً الى القيامة.
نتساءل اليوم؟ إنْ لم تكن ظلَمتَنا حين أوصيتنا بأن ندير الخدّ الأيمن بعد الأيسر لِلَّطْم، وإخالك تتساءل إنْ لم تكن ظلمت نفسك، حين استسلمت لمشيئة الشرّ، فخفضْتَ رأسك لإكليل الشوك، وحنيْتَ ظَهرك للسياط، وهيَّأْتَ الخاصرتين للحراب، ومددت يديك مطواعاً للمسامير؟
أَفَما ندمتَ لأن الذين ضحيّت بنفسك لخلاص نفوسهم من أرجاس الخطيئة، لا تزال فيهم النفوس تتنزّى بغرائزية متوحشة أين منها همجية الذين حاكموك وجلدوك وصلبوك؟
أليسَ أنَّ الهيكل الذي جعلوه مغارة للصوص، قد توارثته لصوص الهياكل الروحية والمدنية للمتاجرة بالأرواح وبيع البخور في مآتم القيم؟
والذين دعوتهم الى أن “يحبوا بعضهم كما أنت أحببتهم… لأنّ من لا يجمع معك فهو يفرّق” هل اقتبسوا من تعاليمك إلا التباغض، والتفرقة، والأَثَرة، والشهوة الى المجد الباطل في الأمبراطورية الرومانية الظالمة، والجمهورية المارونية المظلومة؟
هذه هي جلجلتنا، كما كانت جلجلتك.
أنت كنت ضحية الكفر والوثنية البشرية.
ونحن ضحايا التكفير والإرهاب التوثّني.
أنت بكل عظمتك الإلهية، لم تحتمل جهنمية الأرض فرجوت أباك أن يرفع عنك كأسها.
ونحن بكل وهَنِنا الإنساني نسألك… متى؟ متى، ترفع عنا هذه الكأس؟