يلخص مصدر وزاري، الوضع القائم اليوم بأن «حزب الله والتيار الوطني الحر يعطلان، انما رئيس الحكومة تمام سلام وبقية الوزراء يمكنهم ان يتخطوا التعطيل، ولكن لا يمكنهم الرضوخ».
ويلفت الى انه «من هذا المنطلق عمل الرئيس سلام على الدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء ليومي خميس على التوالي، امس والخميس الذي سبقه. ولا يريد سلام وبقية الوزراء الوصول مع هذين الفريقين الى كسر الجرة. لكن اذا استمر ذلك وتعاظمت الامور بعد فترة، واذا اصرّ الفريقان على «إعدام الجسم»، فيمكن عندها اعلان الوفاة، لكن اذا كان الجسم يعمل فلماذا العمل على افقاده الحياة؟ هناك خشية من تعطيل ممنهج يؤدي الى شلل شامل. فهناك تعطيل للمجلس النيابي، وهو الوعاء الصالح لتلقي القروض الخارجية. وهذا الشلل عطل ايضاً صدور الموازنة، وعطل اصدار «اليوروبوند» من اجل السيولة. هذا عدا عن ان تعطيله، عطل التشريع بشكل عام. وخطورة تعطيل المجلس هي في الوصول لاحقاً الى الانتخابات النيابية من دون وجود قانون جديد لهذه الانتخابات».
فضلاً عن ذلك، يطرح المصدر تساؤلات حول سبل ترك الفريقين جانباً الفراغ الرئاسي وتعطيل مجلس النواب، وتعريضهما العمل الحكومي للخطر، من خلال اهتمامهما لتعيين قائد للجيش. وهل يمكن ترك الاساس جانباً والتحول للاهتمام بالفروع؟ وهل يمكن ان يتم تعطيل جدول الاعمال كله والاعتراض عليه، وعدم ممارسة سلطة رئيس الجمهورية وصلاحيته وهي التي اعطاها القانون؟
وحتى ان الفريقين لا يريدان البحث بأي موضوع خارج الاجماع، فإذا بحث موضوع قيادة الجيش، فان اكثر من نصف مجلس الوزراء غير موافق على المرشح العوني، والكلام انه يحق للاكثرية المسيحية تعبئة هذا المركز هو هرطقة دستورية، لأن مجلس الوزراء هو من يعيّن قائد الجيش، وليس مجلس النواب والاكثرية المسيحية داخله. هذا اولاً. ثم اذا عينته الاكثرية المسيحية، يمكن لهذه الاكثرية ان تقيله لاحقاً. وثالثا: كيف يعطي الاوامر لكل الجنود من كافة الطوائف اذا عينته الاكثرية المسيحية؟ والسؤال اذا لم يحصل هذا التعيين وجاء مرشح ليس لديه اكثرية مسيحية، وهنا اللجوء الى الشارع بحسب ما يقولون، فان الذهاب الى الشارع، يستدرج شوارع اخرى، فالجميع لديه شوارع وهذا ما يدركه كل الاطراف. فلماذا الخروج من رصانة مجلس الوزراء الى فوضى الشارع؟ احد الوزراء قال لوزيري التيار «الوطني الحر» في جلسة الخميس الاول: «انتم تستبدون بنا بشكل غير مقبول».
فريقا عون و»حزب الله» يطالبان بالتعيين بالقوة، لان ليس لديهما اكثرية تعيّنه. ثم يأتيان ليفرضا عدم البحث بأي شيء الا بالاجماع، فلماذا يفرضان البحث بموضوع لا اجماع حوله، وما هذه الهرطقة بأن الاكثرية المسيحية في المجلس النيابي هي التي تعيّن قائد الجيش؟
وتتوقع اوساط سياسية، ان تمارس ضغوط على التيار العوني من اجل عدم شل مجلس الوزراء، نتيجة المواقف التي يحاول فرضها على الحكومة بعدم البحث بأي بند قبل بت تعيين قائد الجيش، وعبر منحى النزول الى الشارع.
وتفيد الاوساط بأنه لا توجد حالياً اية مبادرة، لكنها لا تستبعد الخروج بحل ما، على سبيل المثال ان يتم وضع بند تعيين قائد للجيش على جدول اعمال مجلس الوزراء، قبل شهر من انتهاء الولاية الممددة لقائد الجيش العماد جان قهوجي في 23 ايلول المقبل. التيار يريد التعيين بسرعة لان العميد شامل روكز سيحال الى التقاعد في ايلول المقبل، ويجب بالنسبة الى التيار تعيينه منذ الآن اي قبل التقاعد. ويعتبر ان كل الاطراف لم يكن لديها في مواقفها مانع من تعيينه، بما فيها اكثرية الاطراف في 14 آذار.
وتؤكد الاوساط ان الفريق العوني ينتظر مبادرة ما، وليس هناك من فريق لبناني لديه مصلحة في انفراط الحكومة، حتى ان التيار العوني لديه مصلحة ان يكون في الحكومة وليس خارجها. كما ان حليفه «حزب الله»، يفضل وجود حكومة وليس الفوضى، لأنه يفعل ما يريده، ويحصر اولوياته بالأمور الخارجية، وليس في استطاعته التركيز على الامور الداخلية لاسيما الامنية تحديداً. فضلا عن ان فريق 14 آذار بالطبع لا يريد ان تشل الحكومة او تنفرط، و14 آذار ليس لديها موقف ضد العميد روكز، انما طالما رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، فانه لا يمكن القبول بصهره قائدا للجيش. والحل امامه اما ان يعلن عزوفه عن ترشحه للرئاسة، او الانتظار في التعيين الى حين الوصول الى هذا الاستحقاق، او في ضوء الانتخابات الرئاسية.