Site icon IMLebanon

من التحقيقات الى الانتخابات

الرئيس سعد الحريري الى موسكو، ولاحقا الرئيس ميشال عون الى نيويورك، ومنها الى باريس وبغياب مجلس الوزراء، تتحول أنظار اللبنانيين الى الرحلات الرئاسية، وتخفت السجالات الناجمة عن ارتدادات معركة فجر الجرود وما نبشت من قديم الأزمات المتصلة بواقعة أسر العسكريين لدى داعش في آب ٢٠١٤، الى جديدها المعيوب بترحيل قتلة الجنود الشهداء، من دون سؤال أو جواب، وبواسطة حافلات سياحية…

ولا يراهنن أي من ذوي العسكريين الشهداء، على اجراءات قضائية حاسمة، برغم قداسة الدم المراق، ورمزية شهادتهم كجنود في جيش الوطن، مع صدق عزيمة المحققين، وصلابة ارادتهم، لأن الظروف التي حكمت بأن يتجنّب الجيش تحرير جنوده بالقوة منذ ثلاث سنوات ما زالت سائدة، برغم المستجدات التي طرأت على السلطة والجيش، بدليل عملية الالتفاف التي فرضت على المرحلة الرابعة من فجر الجرود بقبول ارغامي من القاصي والداني، وحالت دون تمكين الجيش، حسم الأمر مع الدواعش، الذين لطالما تبارى البعض في رجمهم من بعيد، وعند الاستحقاق، تحوّلت حجارتهم الى رمّان…

فالتحقيق مطلوب لأن عدالة القضاء، دونها عدالة الثأر والانتقام، كما قال الرئيس عون في تغريدة تويترية أمس، لكن التحقيق المطروح، لا يمكن أن يكون جرميا وحسب، برغم تلميح أحد الوزراء، وستتدخل الحصانات والاعتبارات، لتنتهي القضية عند الأدوات التنفيذية…

في الأمثال، انه رغم المياه العذبة التي تصبّها السماء فيه، تبقى مياه البحر مالحة.

وقد يكون هذا واقع حال لبنان السلطة الموزعة الآن، على أمراء الطوائف، بجلابيب مستوردة.

لكن دوام هذه الحال من المحال، فالمناخ الدولي الى توافق اقليمي، ولبنان، رغم كل الهنّات، ما زال ضمن مربع الاستقرار الدولي، المحمي، بالتفاهم النسبي القائم بين الأميركيين والروس، في سوريا وغير سوريا، حيث عندما يتحدث الروس، ينصت الايرانيون، وعندما يتحدث الأميركيون ينصت الجميع…

ومؤكد ان اسرائيل ضمن الجميع الذي ينصت للكلام الأميركي، وان تخطت الحدود أحيانا، بقصفها الأراضي السورية، من سماء لبنان، أو باختراق طائراتها جدار الصوت فوق الجنوب والبقاع، كما حصل يوم أمس، ربما ردا على طلب وزير الخارجية جبران باسيل من بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة تقديم شكوى رسمية، ضد القصف الاسرائيلي لسوريا من فوق الأراضي اللبنانية!!

والانطباع العام، ان المناورات العسكرية الاسرائيلية في شمال فلسطين، هزّة عصا أكثر منها ضربة سيف، لأن الأميركي والروسي الممسكان بزمام الأمور في سوريا، يريان ان أي معركة تخوضها اسرائيل ضد حزب الله، ستكون لمصلحة الحزب عاطفيا وسياسيا، بمعزل عن ارتداداتها على لبنان، لذا يفضّل الأميركي مواصلة الضغط على ايران بالعقوبات، فيما يتابع الروس، تقليص الوجود الايراني في سوريا بالهوينا، مع الوعد بالمزيد من التسهيلات…

واذا تجاوزنا محطة التحقيق القضائي بأحداث الجرود، والزيارات الرئاسية الخارجية، الباحثة عن تدعيم الاستقرار السياسي، وتثمير للانتصار الذي أنجزه الجيش ضد الارهاب، سنكون أمام محطة الانتخابات النيابية الموعودة في أيار المقبل.

وحتى الآن عقدت اللجنة الوزارية المختصة عدة جلسات برئاسة الرئيس سعد الحريري، من دون ان تتوصل الى تخطي تعقيدات هذا القانون أو تفسيراته المستحيلة.

وتدور لعبة شدّ الحبل بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، بشكل رئيسي، ومن خلف كل منهما الحلفاء والأصدقاء. الرئيس نبيه بري يصرّ على التسجيل المسبق لأسماء من يودّون الانتخاب في مراكز اقامتهم، من دون الانتقال الى مساقط رؤوسهم، حتى لا يقترع الناخب المسجل في المكانين، والتيار الوطني الحر لا يرى ضرورة للتسجيل المسبق والى جانبه تيار المستقبل.

اللعبة تتحوّل بين تيار المستقبل والتيار الحر في موضوع البطاقة الممغنطة. الوزير نهاد المشنوق، لا يرى في الوقت الانتخابي متسعا لاستصدار هذه البطاقة، بينما يصرّ عليها الوزير جبران باسيل، كونها اعتمدت كسبب موجب لتمديد ولاية مجلس النواب.

وضمن التجاذبات القائمة طرح الرئيس بري استعجال الانتخابات خلال شهرين، فرد التيار الوطني الحر بأن الوزير باسيل صاحب هذا الاقتراح… واذا كان مثل هذا الطرح برسم التنفيذ، علام الخلاف بينهما علام؟!