IMLebanon

«عراضات» سوداء.. من الجاهلية إلى السويداء

معروف الوزير السابق وئام وهاب بنوادره، لكنها هذه المرة فاقت كل سابقاتها. «سرايا الجاهلية»، التي اطلقها نهار الاحد الفائت بعرض يلبس «لبوساً» عسكرياً في بلدته الجاهلية، غابت فيه المظاهر المسلحة تماماً من دون أن تغيّب نيّة التنظيم القتالية والدفاعية عشرات السوريين المؤيدين لحكم الاسد من السويداء وبلدة جرمانا لتأمين المشاركة الشعبية في الاحتفال الذي زعم فيه ان «هدف السرايا هو التغيير وليست تخريبية»، مؤكداً ان «السرايا ترفض استخدام السلاح إلا دفاعاً عن النفس ودعماً للجيش اللبناني ولمشاركة المقاومة في صدّ أي عدوان إسرائيلي مقبل».

هكذا، ولساعة من الوقت تقريبا ظلت مشاهد «العرض العسكري التوحيدي» في ما يشبه مسرحية كوميدية سوداء بامتياز تجلت بكل تفاصيل العرض ومكوناته، وبات على وهاب هذه المرة مواجهة اعلام من نوع آخر، اعلام ساخر دمّر جديا ما حاول الايحاء به وأفقده وهجه «التحذيري»، بدءا بتغريدة النائب وليد جنبلاط على حسابه فور انتهاء العرض «جلسة تأمل تصاعدي بالرغم من بعض الضجيج المختلق وسهام ورقية طائشة« وصولا الى انفجار مواقع التواصل الاجتماعي سخرية واستنكارا، ولكانت اكتملت المسرحية وأتمت واجباتها على اكمل وجه لولا وجود العنصر الاساسي في هذه «الهمروجة»، عضو المجلس السياسي في «حزب الله» محمود قماطي، الذي اكد المؤكد اصلا بسعي الحزب الدؤوب الى تسليح وتمويل وتدريب وخلق مجموعات مسلحة علنية او سرية لا هدف منها سوى التخريب الامني والتعدي على هيبة الدولة ومؤسساتها العسكرية والعبث بأمن المجتمع.

ومع انه ليست من عادات الحزب الاتكال على هكذا «رتابة» في الصورة والتنفيذ لايصال رسائله المتعددة الاتجاهات، الا ان وهاب يبقى بحد ذاته من الشخصيات «المحببة» التي يفضّل حزب الله استخدامها بتمويل متواضع نسبيا، خدمة لمصالحه ونظرا لامتداد طائفة الدروز الى العمق السوري وتأثير تأييد وهاب لنهج الاسد ودعمه لتدخل الحزب في الحرب هناك. وفيما يبقى الهجوم الاساسي من حصة جنبلاط الذي توجه اليه وهاب مباشرة بالقول «أنتم تكذبون منذ عشرات السنين، أثبتوا عكس ذلك وارفضوا أي تسوية لا تضمن لنا حقيبة سيادية»، اتى الاستعراض بأكمله بمثابة رسالة واضحة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي تتعاقب الاستعراضات العسكرية الخارجة عن سلطة الدولة منذ توليه الرئاسة واستباقا لعيد الاستقلال، بدءا باستعراض القصير.

وبعيدا عن ركاكة المشهد مقارنة مع الهدف الذي نظم من اجله، فان سرد تفاصيل العرض لا يخلو أيضاً من امكانية فهم ما ترجم وسيترجم في المستقبل على المستوى الامني. الى جانب عشرات السوريين المؤيدين لحكم الاسد من السويداء وبلدة جرمانا، الذين اتوا لتأمين المشاركة الشعبية في الاحتفال، حضر رئيس حركة «حماة الديار» رالف شمالي الذي وزع احاديثه على الصحافيين معلنا تأييد خطوة وهاب كاشفا ان عودة حركته الى المناطق ستكون قريبة. وكذلك جلس قماطي الى جانب وهاب المزهو بالعرض، والذي لم تفارق الضحكة العريضة وجهه وهو يشاهد صورته العملاقة المعلقة على أحد الجدران امامه فيما ينزل شابان عن السطح مع اعلام حزب «التوحيد» في منظر اقرب الى العرض البهلواني الترفيهي من العرض العسكري. اما عشرات الملثمين الذين ادوا «مشية» العرض العسكري بالثياب السوداء وبخطوات مهرولة غير منتظمة ولا حتى ثابتة على وقع اغنية «نحن جيشك يا وهاب نحن القوة اللي ما بتهاب»، وقف لهم وهاب رافعا يده وليس التحية العسكرية المعروفة، في حركة لم يفهم المقصود منها.

إذاً، اظهر الواقع اللبناني انفتاحا ملحوظا على الميليشيات التي نبتت مؤخرا، وفي هذا الاطار تطورت «سرايا المقاومة» او لنقل ولّدت «أطفالاً» أقل جهوزية وتنظيماً لغاية اليوم، ولكن «الطفل سرّ أبيه»، أصلاً لم يحتج وهاب الى اعلان سراياه الخاصة، فهو استبق الموضوع بالعديد من المحطات التخريبية كان آخرها انفجار عبوة مجدل عنجر مستهدفة رئيس البلدية الذي سمح بتعليق يافطة تنتقد وهاب، ولن يكون آخرها مقتل ستة عناصر من «سرايا التوحيد» مؤخرا في القتال في سوريا.