هنا خسرنا وهناك لم نربح. ولكن الفرق كبير جداً. هنا جاءت خسارة مباراة كرة السلّة بين لبنان وكوريا الجنوبية تحت ألف مأخذ وألف سؤال وألف تفسير وألف اعتراض. وهناك عدم حصول الرائعة نادين لبكي على الأوسكار لم يستطع أن يقلل من أهمية الترشح الذي كان بطعم الفوز.
لقد فرّط منتخبنا بفوز أكيد على منتخب كوريا الجنوبية الذي عرف كيف يقلب تخلّفه في الأرباع الثلاثة الأولى إلى تقدّم ففوز فمنعنا من الوصول الى نهائيات بطولة العالم في كرة السلّة … وفي المقابل «نجحنا» نحن، وبإمتياز، في تحويل تقدمنا في الأرباع الثلاثة الأولى إياها الى تخلّف وبالتالي أسهمنا في مغادرتنا السباق قبيل الوصول الى النهائيات! والمفارقة أنّ المدرب الكوري كان يقول لفريقه في الأوقات المستقطعة ما قبل الربع الرابع والأخير: أنتم لن تنجحوا في التغلّب على المنتخب اللبناني إلاّ إذا «ساعدكم على نفسه». وقد ساعدناهم من دون أدنى شك على نفسنا.
بعد ساعات محدودة على هذه النتيجة كانت تلك السيدة المبدعة المخرجة السينمائية نادين لبكي تضع لبنان على خريطة العالم السينمائية، وبإمتياز بترشيحها الى جائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية عن فيلمها كفرناحوم الذي يطرح قضية إنسانية بارزة.
نادين لبكي وزوجها خالد مزنّر تمكنا بإمكانات محدودة جداً، راهنين بيتهما، من توفير الأموال المتواضعة التي مكّنتهما من متابعة إنجاز هذا الفيلم الدرامي الطويل، الذي قبلت اللجان المختصة في الأوسكار، بأن ترشحه بين أربعة ترشيحات لنيل جائزة الأوسكار التي يطمح إليها ويحلم بها كل من يطمح الى أن يكتب اسمه في تاريخ المجد السينمائي، والملاحظ أن المنافسة كانت حادّة جداً… وأعترف بأنني شعرت بقشعريرة الفرح والاعتزاز عندما تُلي اسم «نادين لبكي – لبنان» في طليعة الأسماء المرشحة من فئتها، للجائزة.
وأوّد أن أقول، من غير كوني خبيراً في هذا الموضوع إلاّ من زاوية مردوده المعنوي الكبير على لبنان، إن المنافسة لم تكن متكافئة خصوصاً وأن الفيلم الذي فاز بأوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية وهو فيلم «روما» الذي كان مرشحاً أيضاً الى عشر جوائز أوسكار أخرى حصد كمّـاً منها لا بأس به.
لقد حققت نادين لبكي لذاتها حلماً يراود مخيلة جميع المخرجين والفنانين في العالم الذين يتعاملون مع السينما (من مؤلفين ومنتجين وموسيقيين وتقنيين ومهندسي صوت وإضاءة… ومصورين الخ…) وحققت لوطنها أن اسمه ذكر مقروناً بإسمها من على أحد أرفع المنابر في العالم في وقت نحو ملياري شخص كانوا يشاهدون البث المباشر في مختلف أنحاء المعمورة.
أما الشباب في منتخب السلّة فلم يبخل عليهم لبنان بشيء (رغم الإمكانات المحدودة والمعروفة من الجميع…) ولكنهم بخلوا عليه وعلى أنفسهم بعشر دقائق لعباً جدياً غير أناني (الربع الرابع والأخير). فبدوا مستسلمين وكأنهم منقادون الى قدرٍ غاشم.