الطبيعة في لبنان أكثر رأفةً باللبنانيين من السياسيين، الطبيعة تعرف احتياجات اللبنانيين أو بعضها على الأقل، فمنحتهم يومَي مطر لأنها تعرف أنَّهم في أشدِّ الحاجة إلى المياه:
لتنظيف الأرض وتنظيف الطرقات والتخلُّص من بقايا النفايات التي تجمَّعت على مدى شهور، ولريِّ المزروعات.
الطبيعة تعمل بانتظام في لبنان فلا تبخل على اللبناني بما يريده، على عكس السياسيين الذين يغفلون عنه ولا يتذكرونه إلا في المناسبات.
السياسيون منذ شهر وحتى اليوم يتذكَّرون المواطن بمقدار ما تتذكَّرهم الطبيعة، والسبب في ذلك يعود إلى أنَّ السياسيين يحتاجون إلى المواطنين في هذا الشهر:
السياسيون يبنون زعاماتهم على المفاتيح الإنتخابية والمفاتيح البلدية، لذا فإنَّ البلديات حيوية بالنسبة إليهم، بصرف النظر عن الإنماء أو غيره، السياسيون لا يهتمون كثيراً بالإنماء لأنه ليس شرطاً أساسياً لزعاماتهم.
ينتهي هذا الشهر في الأحد الرابع والأخير من الإنتخابات البلدية والإختيارية في الشمال:
ليس هناك من مفاجآت كبيرة تُذكَر، فمفاعيل نتائج إنتخابات الشمال بدأت حتى قبل إجراء هذه الإنتخابات:
مصالحة وتنسيق في زغرتا بين مكوناتها الأساسية.
تحالفٌ في طرابلس بين الأضداد، وهكذا سيُحقق الرئيس سعد الحريري الإنتصار في عاصمة الشمال، كما حقق هذا الإنتصار في العاصمة بيروت وفي عاصمة الجنوب صيدا.
بهذا المعنى، لا مفاجآت تُذكَر في الشمال، إذاً ماذا سيحدث يوم الإثنين غداة الأحد الرابع للإنتخابات البلدية والإختيارية؟
الإثنين المقبل، ولا يكون شهر أيار قد انقضى بعد، نُطلُّ على حزيران من دون جدول أعمال سياسي عملي، صحيح أنَّ هناك جدول أعمال نظري عن الجلسة الواحدة والأربعين لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وجلسة للحوار للبحث في اقتراح الرئيس نبيه بري المتعلق بتلازم الإنتخابات النيابية والرئاسية، لكن عملياً لا شيء يُذكَر ولا شيء يعطي نتيجة من هذه المواعيد.
فاقتراح الرئيس نبيه بري، على رغم كل الجهود التي وضعها لانضاجه، يبقى اقتراحاً غير قابل للتنفيذ لأنَّ هناك الكثير من الأطراف الذين يرفضون تلازم الإنتخابات النيابية والإنتخابات الرئاسية، مقترح الرئيس بري سقط لحظة الكشف عنه حيث أنَّ الرئيس فؤاد السنيورة عاجله بالرفض.
وفي ما يتعلَّق بالقانون الجديد للإنتخابات النيابية، فإنَّ معظم الأطراف لم يتفقوا، ولن يتفقوا عليه، وفق ما هو واضح وملموس. وعليه فإن هذه الإنتخابات، التي يُفترض أن تجري بدءاً من أوائل أيار من السنة المقبلة، ليس هناك في الأفق ما يشير إلى إجرائها وفق قانون جديد، لأنَّ الأطراف غير متفقين على قانون واحد.
إذاً على عكس أيار الديمقراطي فإنَّ حزيران لن يكون ديمقراطياً، بأي معنى من المعاني، لأنَّ حال المراوحة ستصيبه وسط العجز عن القيام بأية مبادرة.