افضى التفاهم الذي حصل بين رئيس «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري وبين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال اجتماعهما في روما على ان الاستحقاق الرئاسي هو خياراستراتيجي وطني ويصنف في أولوية الأوليات ثم المضي معاً نحو إنجازه لإخراج البلاد من هذا الفراغ القاتل وتداعياته بحيث اطمأن البطريرك الراعي حسب أوساط مواكبة للقاء إلى أن طي صفحة التمديد للمجلس النيابي لتعذر إجراء الإنتخابات لاعتبارات امنية لا يعني التراجع من قبل الحريري عن الدفع نحو الرئاسي من خلال مبادرة سيقدم عليها أيضاً بعد طي صفحة التمديد للمجلس النيابي.
ورغم أن اللقاء لم يشهد استعراضا لأسماء رئاسية على ما تقول الاوساط فإن جانب من التحضيرات التي هيأ لها كل من الحريري والراعي بوضع مسار الاستحقاق الرئاسي على السكة لا يزال مرتبطاً بسياق المفاوضات الأميركية الإيرانية في موازة الحوار بين الرياض وطهران الذي قد يشهد تعثراً نتيجة الموقف الأخير لوزير الخارجية سعود الفيصل على ما يعتبر وزير الداخلية نهاد المشنوق بعيد إتهام وزير الخارجية السعودي إيران وحلفائها بإحتلال كل من سوريا والعراق واليمن بما من شأنه أن يخلط الأوراق ويعيد التقارب السعودي الإيراني إلى ما دون الصفر، وهو الواقع الذي يسري بثقله سلبا على تعقيدات الملف الرئاسي.
وفي ظل هذا الواقع يزداد التباعد بين كل من رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون وحزب الله من جهة وبين البطريرك الراعي من الجهة المقابلة نتيجة عتبه على حزب الله بحسب زوار بكركي بعد أن تعهد أمامه وفد قيادي من حزب الله بأنه سيتعاطى وفق إيجابيات ثلاث مع الإستحقاق عملاً بالأولويات التالية:
أولاً: تعهد حزب الله للبطريرك الراعي بأن يكون قراره لبنانياً وليس ايرانيا في ملف الإستحقاق الرئاسي.
ثانياً: أن يشارك نواب كتلة الوفاء للمقاومة بالجلسات النيابية وعدم مقاطعتها أو تعطيل النصاب.
ثالثاً: تعهد حزب الله بأن يكون مشاركاً في الحوار الرئاسي وناشطاً في الحراك مع القوى السياسية لإستدراك الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية.
لكن حزب الله على ما ينقل الزوار عن البطريرك الراعي عمد الى مراعاة العماد عون وتجاوز ما إلتزم به أمامه في خلال الإجتماع في صالون الصرح في بكركي.
أما حيال الواقع بين العماد عون والراعي ينقل عن سيد بكركي قوله بأنه تمنى على رئيس تكتل التغيير والإصلاح المشاركة ونوابه في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية لكون انطلاقه من 57 صوتاً مؤيداً له يشكل قاعدة لا يستهان بها ربما تؤهله للوصول إلى بعبدا لكن عون اعتبر ان مضي مرشح قوى 14 اذار الدكتور سمير جعجع لن يؤدي إلى فوزه عندها قال له الراعي كما يكشف لزواره بأنه تعهد له بأنه في حال كان الامر يتطلب صوتا أو صوتين لانتخابه رئيسا للبلاد فإنه سيتدخل لصالحه من أجل إستدراك الفراغ وإنتخاب رئيس للجمهورية معبراً الراعي عن عتبه لكون العماد عون يزور بكركي عندما يكون في حاجة إليه وعندما لا يكون في هذا الواقع يتجنب اللقاءت معه، ويرسل إليه موفدين للنقاش معه في مواضيع تتطلب موافقة مباشرة من خلال وجود العماد عون شخصياً في الإجتماع.
وفي موازاة التمديد للمجلس النيابي كان الإجتماع الذي عقد في بيت الوسط مساء ليل أمس بمثابة فرز المواقف النهائية للقوى المسيحية حيال هذا الخيار المحسوم منذ اليوم إذ تعهدت «القوات اللبنانية» خلاله وعلى حدّ قول مصادر رفيعة في 14 آذار بأن تشارك في جلسات التمديد ولكنها ستعترض عليه دون إستكمال رفضها بالطعن به امام المجلس الدستوري في حين أن الكتائب اللبنانية بقيت على موقفها بعدم المشاركة في أي جلسات تشريع في ظل الفراغ الرئاسي بما ولد تحفظاً لدى تيار المستقبل على المواقف المسيحية المفترض أن تكون متكاملة في هذا الظرف مع كل قوى 14 آذار وإن بات واضحاً بأن موقفي القوات والكتائب الرافض للتمديد يندرج في إطار عدم ترك العماد عون وحده يقطف ثمار الإعتراض عليه شعبياً كاشفة بأن وزير الداخلية نهاد المشنوق يمتلك ورقة «مستورة» لا يتناسب مضمونها مع مطالبات عون بإجراء الإنتخابات إذ كان سبق لوزير الداخلية ان وجه الى عون في إحدى زيارته السؤال التالي: «من موقعك كقائد جيش سابق وما تمتلك من خلفية وتجربة عسكرية وأمنية هل تجد بأن إجراء الإنتخابات ممكن في هكذا ظرف؟»
فرد العماد عون جازما: «أكيد من غير الممكن».
وبذلك تؤكد المصادر ان وزير الداخلية سيكشف عن مضمون اللقاء ـ الحوار هذا في الوقت المناسب إذا ما إرتفع كثيراً رفض عون للتمديد إلى حد حشر القوى المسيحية الأخرى في 14 آذار وإعتباره ايضا ان وزارة الداخلية مقصرة تجاه ما يواجه لبنان من تحديات امنية وسياسية على خلفية تطورات المنطقة التي طالت البلاد على اكثر من صعيد، خصوصاً وان التمديد الاول كان نتيجة مطلب من حزب الله حليف عون والذي لا يزال يفضله بقوة حاليا لكن يريد ان تطال سلبياته قوى 14اذار لكونها حريصة على اتفاق الطائف والمناصفة.