Site icon IMLebanon

من المغرب الى موريتانيا !

لا نواكشوط راضية على لبنان.

ولا معظم العرب راضون.

العاصمة الموريتانية غاضبة، وربما معها حق، لأن في الحكومة مَن اتهمها بأسوأ الكلام، أقله أن فنادقها تحتلها الصراصير، وتغزوها الجرذان.

وهل في العالم، من يتهم عاصمة عربية، بأقذع الاتهامات، وهي تستضيف قمة عربية، لا مجرد أعضاء في جامعة الدول العربية.

والرئيس تمام سلام كان مطلوباً منه الاعتذار، لأن التهمة ليست بسيطة.

والدول العربية، وبينها أمم غنية، ولا سيما دول الخليج العربي، من أرقى دول العالم، وفيها قصور وأبراج شامخة، لا ترضى بأن تذهب الى قمة عربية، خالية من أي فنادق ولو كانت متواضعة.

صحيح أن موريتانيا مشوبة ببعض التخلف، لكنها، على ما يقول بعض دول المغرب العربي، انهمكت اخيرا في تحسين الفنادق لتستقبل رواد القمة العربية بما يليق والمناسبة الكبرى التي تستضيفها.

هل هي مناسبة بلا عنوان؟

لا، طبعاً، لأن الحفاوة بالضيوف، غير المجاملة في رعاية الزوار.

رأى المفكر اللبناني رئيف أبي اللمع، في بداية العصر الحديث، أن لبنان هو بلد الانفتاح، ووطن التعددية السياسية، والا خسر صفته كبلد ذي طبيعة ديمقراطية في العصر الحديث.

ولبنان، لولا هذا الانفتاح، لما بقي وطن النجوم، كما يقول الشاعر ايليا أبو ماضي، وهو يعدد مآثره والفضائل.

وكثيراً، ما عاش هذا البلد، على الأصالة وعلى النوعية الحضارية كما كان يردد الفنان الكبير عمر الشريف، عندما غادر القاهرة الى أوروبا، واضطلع ببطولة أرقى الأفلام العربية.

كان المرحوم جان عزيز يعتز دائماً بوجوده الى جانب الرئيس اللواء فؤاد شهاب، لكن الرئيس الشهابي، كان يقول لزعيم جزين، إنه حريص على أمرين: الاعتذار عند اللزوم عن أي خطأ ارتكبه، والافتخار بالتصحيح عندما يدرك كوامن الخطأ وأماكن الصواب.

وفي احدى المرات رفع صوته في وجه الوزير فؤاد بطرس، لأن المستشار الفرنسي الرئاسي أبدى برأي وجده الوزير اللبناني خاطئاً.

وفي اليوم التالي، حضر المستشار الى قصر الذوق، وصارح فؤاد شهاب، بأنه أبدى رأياً خاطئاً، وان الحق مع الفؤاد لا معه.

سأل يومئذٍ الرئيس شهاب عن الوزير بطرس، فلم يجده، وقيل له إنه شبه حردان، وتوقف عن حضور الجلسات التي يُدعى اليها، فطلب الاتصال به، ودعوته الى اجتماع عاجل.

وبداية الاجتماع، بادر الرئيس شهاب الى القول إننا مدينون باعتذار الى الوزير بطرس، لأننا رفعنا الصوت ضده، في مسألة اعترض عليها، وكان على حق في كل ما أدلى به، وذهب اليه من آراء ومواقف.

هكذا كان يفعل الكبار في الحكم، لا كما هو حاصل الآن، حيث رواد المصالح والمنافع، لا يهمهم الا نيل ما يطلبون من حاجات.

رحل فؤاد بطرس، ورحلت معه قيم رعاها، وصفات حافظ عليها طوال حياته السياسية، كما يقول الوزير زياد بارود الذي حافظ على مجموعة قيم رافقت الرجلين، عندما اختير وزير الخارجية السابق لرئاسة اللجنة الوطنية للانتخابات النيابية عشية الفصل بين عهدي الرئيس اميل لحود وميشال سليمان.

هل صحيح ان ارتداد الصراحة في هذا العصر الى صاحبها، هو الذي يضير المفكرين في أسباب تعذر الانتخابات الرئاسية؟

وهل صحيح أن لعبة الترشيحات الى الانتخابات النيابية المقبلة، ضائعة ومبلبلة بين أركان عدد من التيارات الحزبية والسياسية؟

ربما، يكون الترجيح مصيباً، أو مغالياً في الخطأ، لكن للترشيح الى النيابة اصولا وقواعد لا يجوز تغييبها، في ظرف يتطلب رجاحة كف، على أبواب الانتظار.