في مثل هذا اليوم اغتيل حلم لبنان! نعم حلم لبنان الشهيد الكبير رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري… والمصيبة الكبرى أنّ يد الغدر التي امتدت لتقتل حلم لبنان لم تكن إسرائيل، ولكن طبعاً أعداء لبنان!
والمصيبة الأكبر أنّ وزير خارجية إيران استغل مناسبة تشكيل الحكومة في شهرها التاسع بعد الكثير من المعاناة والقهر والشروط… فجاء ليهنىء الرؤساء بولادتها بعدما سمحت إيران بتشكيلها بعد طول عرقلة…
والمصيبة أيضاً أنّ رئيس جمعية «كاريتاس» الجديد محمد جواد ظريف وزير خارجية إيران جاء ليقدّم لنا منظومة صواريخ لتحمي الأجواء اللبنانية في الوقت الذي تعتدي إسرائيل يومياً على الحرس الثوري والجيش الايراني و»حزب الله» والحشد الشعبي العراقي الموجودين في سوريا… وطبعاً يأتي الجواب الحاضر: إنّ إسرائيل لن تستطيع أن تستدرج القوات السورية والايرانية والعراقية الى حرب معها، ان قرار الرد سيكون في الوقت المناسب وبالطريقة الرادعة، ونحن نحدد زمان المعركة ومكانها… والمصيبة أنّ هذا الرد لم يحن أوانه بعد منذ العام 2011 وحتى اليوم؟!.
وقدّم عرضاً آخر وهو أنّ إيران مستعدة لأن تؤمّن الكهرباء للبنان في الوقت الذي يعاني الاقتصاد الايراني الامرين بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليه حيث خفض الإنتاج البترولي الى النصف، والشعب الايراني يرزح 40% منه تحت خط الفقر، وقد تقلصت كثيراً التقديمات التي تقدمها الحكومة الايرانية لشعبها، ويجب أن لا ننسى أنّ الايرانيين الذين دُمّرت بيوتهم في الزلزال الأخير قبل عشر سنوات لا يزالون من دون سقف يؤويهم… ويريد النظام أن يعطي صواريخ وكهرباء للبنان؟!.
نعود الى هذا اليوم التاريخي في تاريخ لبنان، يوم قتلوا حلم اللبنانيين باغتيال الشهيد رفيق الحريري، ومنذ ذلك اليوم توقفت حركة الإعمار والبناء التي بدأها الشهيد من إعادة إعمار القصر الجمهوري وقصر الحكومة (السراي الكبير الجديد) ومطار بيروت رافعاً شعار البشر والحجر… ومع ذلك تعرّض للهجوم والانتقادات الممنهجة مثال: لماذا هذا المطار وبهذه المساحات الواسعة؟ واليوم أصبح المطار بحاجة الى عملية توسعة إلى الانفاق وإلى الجسور… والأهم من هذا وذاك وسط بيروت أي منطقة «السوليدير» التي أصبحت أجمل وسط تجاري ليس في لبنان وحسب بل في العالم أيضاً.
في المقابل، أرسلت المملكة العربية السعودية الوزير المستشار في الديوان الملكي المسؤول عن ملف العلاقات اللبنانية – السعودية، وأهم هدية جاء بها موفد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رفع حظر سفر السعوديين الى لبنان، وهذا يعني أنّ باقي دول الخليج سوف تحذو حذو المملكة.
طبعاً هناك الكثير لنتحدث عنه ولكن أكتفي بهذا القدر اليوم وأترك الباقي للمستقبل.
أما في هذه المناسبة الأليمة فلا بد من كلمة تُقال: إنّ رسالة الشهيد رفيق الحريري لم يحملها الا الرئيس سعد الحريري وكأنّ الشهيد لم ينجب إلاّ ولداً واحداً والآخرون لا يهمّهم من مشروع والدهم إلاّ الإرث!
الرئيس سعد الحريري هو نسخة طبق الأصل عن الأصيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقد أنفق ما ناله من إرثه على مشروع رفيق الحريري الذي هو في الحقيقة مشروع بناء لبنان، مشروع أن يكون لبنان وسطياً، مشروع النأي بالنفس عن الصراعات العربية، مشروع أن يكون لبنان عربياً وليس إيرانياً أو أميركياً، مشروع الإعتدال…
لبنان عربي مستقل حر حسب «اتفاق الطائف»، ولقد ضحّى سعد الحريري بخسارة عدد من نوابه بسبب قانون إنتخابي فرض عليه بسلاح المقاومة، إذ كان أمامه إما تدمير لبنان والدخول في حرب أهلية أو أن يقبل ويخسر… الى تشكيل الحكومة بعد مخاض 9 أشهر تحمّل خلالها ما لا يتحمّله إنسان والسبب طبعاً بندقية المقاومة التي لم تطلق رصاصة واحدة على إسرائيل منذ العام 2006 حتى اليوم، أي منذ 13 سنة.
عوني الكعكي