Site icon IMLebanon

من صادر يونس إلى حنا غريب…

انتهت السنة الدراسية وأنجزت معها الامتحانات الرسمية، وكأنّ شيئاً لم يكن. لا مطالب ولا سلسلة ولا نقابات أو رابطات قادرة على رفع الصوت. حتى الإضرابات لم تجد مكاناً يصطف خلفها الاساتذة من أجل حقوقهم. لا مواقف ولا حيوية ولا تحفّز. فقط ما حدث في رابطات التعليم وهيئة التنسيق النقابية من تحولات واصطفافات وسيطرة سياسية وحزبية عليها، الى تركيبة وزّعت عناصرها محاصصة بالمسطرة بين القوى على مقلَبي 8 و14 آذار، فأُبعد نقابيون عن موقع القرار، واستسلم آخرون لمقتضيات المرحلة الجديدة، لنشهد خفوت الصوت النقابي التعليمي، ما لم نقل انتهاء حقبة من عمل هيئة التنسيق شكلت بإخفاقاتها ونجاحاتها، بأخطائها وحساباتها، حركة جامعة بحيويتها، على الرغم من كل الخلافات التي رافقتها خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

ويتساءل عدد من الأساتذة عما اذا كانت انتهت الرابطات نقابياً، أو على الأقل تغالب، أو في حالة موت سريري؟ هي اليوم بالنسبة إليهم غير قادرة على التأثير وعلى اتخاذ القرار، والحسم في موقفها تجاه قضاياهم المعلمين، ولا تستطيع المبادرة أيضاً والفعل. فما الذي حلّ بالموقع النقابي الذي يتراجع عاماً بعد عام، ويأخذ معه أسماء نقابية الى هامش النسيان؟ يسأل أساتذة عن تهميش نقابيين في الحركة التعليمية كانت لهم صولات وجولات ودور طليعي لم يعد اليوم في الواجهة. فحنا غريب على سبيل المثال، بات يصارع في رابطة الثانوي على تثبيت خيار التيار المستقل بعدما أسقط في انتخاباتها الأخيرة بتسوية سياسية حزبية وزّعت الحصص بين مكوّناتها. وماذا عن نقابيين تاريخيين في الجامعة اللبنانية بعضهم أُحيل على التقاعد وبعضهم الآخر وُضع جانباً في رابطة المتفرغين لخياراته المستقلة. فمَن يتذكر الدكتور صادر يونس الذي أعاد استنهاض الأداة النقابية لأساتذة الجامعة اللبنانية بعد الحرب، ومارس دوراً نقابياً أكاديمياً مع غيره من الأساتذة الذين رفعوا من شأن الجامعة وقيمتها الأكاديمية والعلمية وغيره كثر. لا أحد يتذكّر نضالات المعلمين والأساتذة والطلاب في عصر ذهبي لقطاعات التعليم، فيخرج النقابيون من دون ان يلتفت أحداً إليهم كمؤسسين لخيار مستقل، بدل تكريمهم والإفادة من تجربتهم التي أعطت الحركة النقابية مكانة مميزة.

ماذا حلّ بالرابطات اليوم؟ وضعها الهش في القطاع التعليمي لا يسمح لها بأن تقرر بعيداً من الهيمنة السياسية. فها هي رابطات الثانوي والأساسي والمهني توزعت هيئاتها الإدارية بين القوى السياسية في 8 و14 آذار، وأيضاً رابطة المتفرغين في الجامعة رُكّبت هيئتها على قياس الأحجام بين الأحزاب السياسية، فيما نقابة المعلمين تعاني من سيف مصلت على رقاب أساتذتها. وبالهيمنة السياسية فقدت الحركة النقابية التعليمية عنصر قوتها والقدرة على تحسين التعليم الرسمي والجامعي ومواجهة أي محاولات لتغيير وظيفته، فبات دورها يقتصر على التبشير!