بانتظار عيديته، يُراقب اللبناني معركة شدّ الحبال التي ترافق عملية التأليف، حيث تجاوزت السباق على الحقائب إلى فرصة لفرض الكلمة الأعلى وتحجيم الآخر، مما ينذر بإمكانية أن تطول فترة المراوحة قبل التوصّل إلى حلول وسط ، تُسهّل عملية التأليف. ومع الأنظار الشاخصة لترى خواتيم هذه المرحلة، تبقى الانطلاقة الاقتصادية للعهد، وهي الجزء الأهم بالنسبة للمواطن، بانتظار الانفراج الحكومي أيضاً. فالمغتربون الذين يدعوهم وزير الخارجية، ليل نهار، لزيارة الوطن والاستثمار فيه، يتساءلون عن الضمانات الأمنية والمالية في ظل العجز الرسمي عن إعادة إحياء مؤسسات الدولة المهترئة، وإنهاء الشغور المنتقل من رئاسة إلى أخرى، وعن جدوى استعادة الجنسية لوطن أثبت سياسيوه عدم جدارتهم به، كونهم استنزفوا موارده الاقتصادية وعبثوا بطبيعته وباعوا سيادته بأرخص الأثمان، وشعب امتهن التبعية العمياء، ففشل في المحاسبة واختار الاستسلام للخيارات الأسهل والأكثر ربحاً، من دون أن يفكّر بأي وطن يورثه للأجيال المقبلة، وأيّة مواطنية يزرع في نفوسهم.
أما السيّاح، وخاصة الأشقاء العرب، الذين قاطعوا الوطن الصغير بسبب مواقف القيّمين عليه المعادية لانتمائه الجغرافي والقومي، فأبدوا حماسة لطيّ الصفحة السوداء في تاريخ العلاقات اللبنانية – الخليجية، مما أعطى فسحة أمل للمواطن المنهك عن إمكانية تعويض بعض من خسائره المادية على أمل أن تعود عجلة الاقتصاد إلى دورتها الطبيعية وتعود الحياة لوطن يملك كل مقومات النمو والتطوّر، مع خزان بشري من الطاقات والمواهب، إلا أنه أسير السياسات الكيدية والرؤى الضيّقة للطوائف والأحزاب في ظل انعدام الرؤية الوطنية الشاملة وغياب الإرادة لتعزيزها في الدرجة الأولى.
إن فترة الأعياد المقبلة بشّرت بصدمة اقتصادية إيجابية لطالما طال انتظارها بعد نهاية الشغور الرئاسي، على أمل أن ينسحب التوافق الذي رافق انتخاب رئيس الجمهورية على تأليف الحكومة، إلا أننا نسينا أننا أسرى طبقة سياسية امتهنت تضييع الفرص على الوطن وشعبه، فلا العهد أمّن انطلاقته القوية، ولا الحكومة سُهّل تشكيلها لتنطلق ورشة العمل الملحة، من تغيير قانون الانتخابات تمهيداً لإعادة الحياة إلى مجلس النواب ضمن أطر الديمقراطية المتطورة، مروراً بمعركة باتت أكثر من ملحة لمكافحة الفساد المستشري، وصولاً إلى تعزيز المناخات الإقليمية الإيجابية تجاه العهد الجديد لإعادة الحياة إلى شرايين العلاقات العربية المجمّدة!
هل تحمل الأيام المقبلة عيدية للبنانيين لموسم سياحي حافل في ظل انفراج سياسي يسهل تأليف الحكومة وانطلاقة ورشة العمل التي باتت أكثر من ملحة في العهد الجديد… أم أن الكباش لم ينتهِ ولا يزال يحتاج لدورات عديدة قبل الحسم النهائي، فتكون فرصة أخرى ضاعت على الوطن الصغير وشعبه المعذب؟!