استبقت اسرائيل الاطلالة المتلفزة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، على جري عادتها، ليخرج قادتها بسلسلة مواقف تنذر بالويل وعظائم الامور، في اي مواجهة قادمة مع حزب الله، في الوقت الذي يحاول فيه رئيس وزرائها بن يمين نتانياهو اصلاح علاقاته مع الغرب، بعد التحول النوعي في الموقف الاوروبي تجاه الملف الفلسطيني.
ففيما كان الاسرائيليون مشغولون بدفن قتلاهم الذين سقطوا في المتجر اليهودي في باريس، على صخب تصريحات زعمائهم الداعية الى هجرة اليهود الفرنسيين الى اسرائيل، كبلد آمن بعيدا عن الارهاب، خرجت تقارير استخباراتية الى العلن وجهت الانظار من جديد الى الجبهة الشمالية، مع نشر صحيفة «معاريف» تحقيقا، عبر موقعها الالكتروني، عما اسمته «بالأسلحة الإيرانية الجديدة التي حصل عليها حزب الله»، والتي ستجعل من اي معركة قادمة مع لبنان «الأعنف من بين جميع المعارك بشكل غير مسبوق»، بحسب وصفها.
وبحسب «معاريف»، فان إيران وعلى مدى الأسابيع الأخيرة، عرضت امام العالم أفلام مسجلة تظهر قوتها العسكرية، خلال مناورات «الرسول الاعظم»، فيما استغلت إسرائيل السنوات الثمانية التي أعقبت حرب لبنان الثانية، لزيادة قوة ردعها، في الوقت الذي استغل فيه ايضا حزب الله الهدوء على الجبهة ليملأ مخازنه بالأسلحة الإيرانية التي لم يسبق لإسرائيل ان اختبرتها او واجهتها في أي معركة سابقة مثل الطائرات الانتحارية دون طيار والصواريخ الدقيقة وصواريخ مضادة للطائرات والسفن، تلك الأسلحة التي تعتبر جزء من قائمة طويلة لكن هذا الجزء غير موجه نهائيا للمنطقة الشمالية بل يقصد ويستهدف تحديدا المنطقة الجنوبية والوسطى.
فقد كشفت طهران النقاب عن الطائرة دون طيار التي تستخدمها المليشيات الشيعية في العراق المدعومة أيضا من حزب الله حسب تعبير الصحيفة، وهي من طراز «ياسير» المتطور بما يفوق بكثير الطائرات التي حصل عليها الحزب بعد حرب، تموز 2006، علما انها بدأت منذ مطلع عام 2013 عملية الإنتاج المكثف للطائرة دون طيار القادرة على حمل المتفجرات. يصل هذا النموذج الإيراني داخل حقيبة ظهر صغيرة وهو سهل التجميع ووزنها خفيف بما يسمح لكل مقاتل من مقاتلي حزب الله إن يستخدم هذه الطائرة ويطلقها من أي نقطة كانت. كما عرض الإيرانيون في اليوم الثالث من المناورات العسكرية الأخيرة التي أجروها قبل أسابيع تحت الاسم الرمزي «محمد» أخر تحديثاتهم المتعلقة بالأسلحة المضادة للسفن وعرض جنرال إيراني ظهر في الفيلم التسجيلي مناورة قامت بها سفينة حربية إلى جانب عرض صاروخ ارض – بحر دقيق الإصابة بشكل كبير جدا.
وتشير التقديرات الاستخبارية الاسرائيلية بحسب «معاريف»، الى امتلاك إيران حاليا قدرات هجومية عالية جدا يمكنها ان تهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية بشكل جدي جدا ورغم أن هذا التهديد لا يعتبر كاسرا للتوازن لكنه بكل تأكيد قادرا على كسر الروح المعنوية للإسرائيليين أثناء المواجهة ما يعيق ويحد من قدرات القيادة على اتخاذ قرارات بتعميق مجال مناورتها الحربية وقد تشوش على خطط الجيش القتالية حسب تعبير «معاريف».
وتتحدث «معاريف» أيضا بأن جزء ليس بالبسيط من قدرات إيران الهجومية قد وصل فعلا الى مستودعات حزب الله داخل الأراضي اللبنانية، مؤكدة ان شيئا واحدا على الأقل لا يمكن التشكيك فيه وهو ان مقاتلي الحزب درسوا جيدا الأسلحة الإيرانية وتدربوا عليها وان هناك مصلحة مشتركة للطرفين «إيران وحزب الله» تتمثل باستخدام هذه القدرات بشكل مكثف، انطلاقاً من رغبة حزب الله إلحاق اكبر قدر ممكن من الإصابات والأضرار في إسرائيل، من جهة، فيما تتمثل مصلحة إيران في إعطاء العالم إشارة واضحة تتعلق بقدراتها الهجومية إضافة إلى تعميق سيطرتها على الشرق الأوسط، من جهة ثانية.
فوفقاً لـ«معاريف»، ان لدى حزب الله اليوم قدرات هجومية عالية جداً قادرة على تهديد الجبهة الداخلية الإسرائيلية بنحو كبير وواسع وغير مسبوق، و«هذا التهديد قد لا يكسر التوازن القائم بين الجانبين، لكنه بالفعل قادر على كسر الروح المعنوية والمناعة الوطنية في إسرائيل خلال الحرب، الأمر الذي من شأنه أن يضرّ بقدرة القيادة على توسيع المناورة البرية، ومن شأن ذلك أن يؤثر سلباً في الخطط القتالية للجيش الإسرائيلي».
في إسرائيل يعرفون بشكل جيد قدرات وإمكانيات الطائرات الانتحارية دون طيار التي يمتلكها حزب الله منذ سنوات حيث مدّ الإيرانيون الحزب بهذه الطائرات فور انتهاء حرب لبنان الثانية في محاولة منهم لتعزيز القدرات القتالية للحزب، وبهذا باتت إسرائيل تدرك تماما خطر تلك الطائرات، التي تمتلك حرية حركة كبيرة جدا لأنها طائرة صغيرة ويتم إطلاقها من على منصة محمولة دون حاجة لأي مدرج خاص تماما كما يتم إطلاق الصاروخ المحمول على سيارة والتي ستكون جزء لا يتجزأ من المعركة القادمة. لكن حزب الله والإيرانيون امتنعوا حتى ألان من تصوير وعرض إمكانيات هذه الطائرات لذلك تقدر الاستخبارات الاسرائيلية، أن «المفاجآت التي يحتفظ بها العدو للحرب المقبلة لن تفاجئ» المؤسسة الأمنية في إسرائيل، لكنها ستكون مفاجئة جداً للاسرائيليين الذين لا يعرفون إلا قدراً بسيطاً مما ينتظرهم في الحرب المقبلة مع حزب الله.
في اطلالته الاعلامية القريبة عبر قناة «الميادين»، يكشف امين عام حزب الله «أن لدى المقاومة في لبنان كل ما يتوقّعه العدو وما لا يتوقّعه»، متطرقا الى القدرات العسكرية للمقاومة، التي لديها «كل ما يخطر على البال من أنواع الأسلحة»، في رسالة تحذير قوية الى تل ابيب، موضحا ملابسات اكتشاف الجواسيس الإسرائيليين داخل جسم الحزب.