الرئيس الاميركي جورج بوش أعلن انه سيعلن وقف المفاوضات مع منظمة التحرير لأنها لم تدن العملية الفلسطينية على الشاطىء الاسرائيلي، والتي ذهب ضحيتها اربعة شهداء فلسطينيين وآخرون وقعوا في الأسر فيما لم يصب احد من الاسرائيليين.
ووزير الخارجية الاميركي جيمس بيكر أعلن انه مصر على خطته للسلام، وان على شامير إذا اراد السلام على أساس هذه الخطة ان يتصل به على رقم البيت الابيض الهاتفي.
وأما السيد اسحق شامير رئيس وزراء العدو فأعلن بدوره ان رقم الهاتف في رئاسة الحكومة الاسرائيلية هو 705555، فإذا أراد العرب السلام، ونسي هو ان يقول الاستسلام، فعليهم الاتصال به على هذا الرقم.
مسكين شعبنا، ومساكين هم الذين يراهنون على أميركا وعلى واشنطن. فلم تكن يوماً واشنطن إلا البقرة الحلوب عند اليهود. ذلك ان اسرائيل والاخطبوط اليهودي العالمي مستمران في التفتيش عن البقرات الحلوب في كل مكان للاستفادة منها. فاسرائيل استفادت من فرنسا لتصنع مفاعلها النووي ولتنتج قنابل ذرية وتضعها في مفاعل ديمونا في النقب. واسرائيل استفادت وتستفيد من التكنولوجيا الاميركية ومن احدث الاسلحة من طائرات وصواريخ وكل أنواع الدبابات وغيرها التي تحصل عليها من واشنطن، إضافة الى 4 مليارات دولار يخصصها الكونغرس لاسرائيل فيما اربعون دولة افريقية تحصل على 50 مليون دولار.
واسرائيل اختارت بقرة حلوباً اخرى هي الاتحاد السوفياتي، فحصلت منه على العنصر البشري فكملت بذلك فرض خوتها وضريبتها على العالم، فحصلت على القنبلة الذرية من فرنسا وعلى أحدث الاسلحة من أميركا، وعلى العنصر البشري من الاتحاد السوفياتي. واليوم جاء شامير البولوني يعطينا نحن، أهل الدار وأصحاب الارض، رقم هاتفه لكي نتصل به للاستسلام ولتسجيل اسمائنا في سجل الخدم الاسرائيلي.
مسكين شعبنا، يراهن على الولايات المتحدة وعلى إدارة بوش، وعلي شعب يأكل «الهمبرغر» ويشرب «البيبسي كولا»، وينظر الى العالم نظرة رعاة البقر ولا يعرف شيئاً عن جروحنا ومصائبنا.
جورج بوش قرر ان يقطع الاتصال بمنظمة التحرير وبايكر اعطى رقم الهاتف لشامير إذا اراد الاتصال، فهل هنالك أحمق من هذه السياسة التي تعاقب اسرائيل بإعطائها رقم الهاتف في البيت الابيض، ثم تقطع اتصالها بالشعب الفلسطيني.
وهل أحمق من هذه السياسة الاميركية التي تعطي رقم الهاتف للقاتل وتقطع مع اهل القتيل؟
يا سيدة العالم من حيث القوة العمياء يا واشنطن يا سيدة التكنولوجيا والتقدم العلمي، هل تدرين ان في لحمنا شظايا من اسلحتك التي أعطيتها لاسرائيل؟ هل تدرين ان قرانا احترقت بالقنابل التي تقدمينها مجاناً لاسرائيل، وهل تعلمين ان بيروت والجولان وغور الاردن والقدس ورام الله والضفة الغربية وغزة وسيناء والقاهرة وبغداد، كلها قصفت بأسلحتك التي تقدمينها مجاناً لاسرائيل، وعندما جاءت اسرائيل تعصي أوامرك اتخذت العقوبة الصارمة في حقها إذا اعطيتها رقم الهاتف في البيت الابيض.
نعم يا واشنطن لقد اتخذت قرارك التاريخي فأبلغت اسرائيل رقم الهاتف في البيت الابيض، لكن اية عقوبة هذه وانت سلحّت اسرائيل حتى باتت ثكنة عسكرية كاملة بسلاح وتمويل أميركي، فيما دماؤنا وأجسادنا تُهدر وتُجرح بدعمك أنت لاسرائيل.
هل أظلم من سياسة الولايات المتحدة، وهل أحمق من هذه السياسة؟
نعم هنالك أحمق من سياسة الولايات المتحدة، انها سياسة المراهنين على أميركا والمراهنين على عدالة اميركية في النظرة الى الصراع العربي – الاسرائيلي.
ان سياسة أحمق من السياسة الاميركية هي سياسة اللاهثين وراء واشنطن، هي سياسة المتسكعين على أبواب سفاراتها، هي سياسة الذين يضعون كل أوراقهم بتصرف الاميركيين.
ان أحمق سياسة هي سياسة العرب الذين يضعون نضال شعوبهم بتصرف واشنطن، ويضعون طاقات بلادهم بتصرف واشنطن، ويراهنون ان الولايات المتحدة سترد إلينا ارضاً وستعطي شعبنا جزءاً من ترابه الوطني.
لقد جاء الرد من الرئيس الاميركي جورج بوش عبر قرار قطع الاتصال بمنظمة التحرير، فيا أيها اللاهثون وراء حلول اميركية أو غيرها، أما أيقظتكم صدمات البيت الابيض، أما ايقظتكم هجرة ملايين اليهود الى اسرائيل الناتجة من سياسة الوفاق الاميركية – السوفياتية وبالأخص الاميركية.
وإن قلنا فلا نقول إلا ان التراب الوطني لن يعود بسياسة التسكع على أبواب البيت الابيض، بل يعود بالبندقية المقاتلة وبصرخات الابطال المقتحمين كل حدود اسرائيل، فالطريق لاسترجاع حقوقنا تمّر من فوهة البندقية وليس من عتبة البيت الابيض.
هذه الافتتاحية كتبها رئيس التحرير العام الاستاذ شارل أيوب في 1990/6/21 .
«الديار» هي هي، كانت على هذه المبادىء وستبقى على هذه المبادىء.