وقعت المواجهة التي لم تكن على لائحة الاهداف والتوقعات بين الحليفين في تيار المستقبل والتيار الوطني على خلفية الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية في قضية «الحاج وغبش» ليتم فضح الكثير من المستور في الصراع القائم والاختلاف في النظرة الامنية والقضائية بين الطرفين والتي بدأت من فترة على خلفية استياء التيار الوطني الحر مما يحصل في فرع المعلومات وما يصفه عونيون بأنه كيديات في مديرية قوى الامن الداخلي ومحاولة اللواء عثمان بسط سيطرته على الفرع فيما يعتبر قريبون من المديرية ان باسيل يحاول التمدد الى المديرية ومن هنا كانت الحملة قاسية للدفاع عن اللواء عماد عثمان من قبل تيار المستقبل ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي تدخل مباشرة على خط القضية متمنيا لو بقي القضاة على اعتكافهم ولم يصدر الحكم الذي استتبع استنفارا غير مسبوق بين الوزراء المشنوق وريا الحسن والامين العام للمستقبل أحمد الحريري ضد من يعتبرونهم رموز العهد وتحديا ضد جبران باسيل.
ليس الخلاف الامني القضائي هو السبب او فاتحة التجاذبات السياسية اذ سبقته عدة مؤشرات تدل على ان الأمور ليست بخير وان هناك تسابقاً قويا بين الحليفين للامساك بالملفات وان عنوان الخلاف بين المستقبل والتيار هو جبران باسيل نفسه الذي يعتبر بعض رموز المستقبل انه يحاول دائما ان يأكل من صحن الآخرين وان يثبت انه الرقم الصعب في العديد من الملفات الداخلية،والقضية تعود الى زمن تشكيل الحكومة اذ مارس وزير الخارجية دور رئيس الحكومة في مفاوضات تأليف الحكومة لينتهي الامر بعقد تسويات وتأخير ولادة الحكومة كل هذا الوقت بسبب محاولة تحجيم القوات واختصار موضوع تشكيل الحكومة بشخصه وقد قفز تخطي باسيل في حينه صلاحيات رئاسة الحكومة الى تجمع رؤساء الحكومة السابقين مطالبين بحماية موقع الرئاسة الثالثة من بطش ومحاولة تسلل باسيل الى قرارات الحكومة.
الامر نفسه تكرر على مدى الشهر الماضي في اجتماعات الحكومة لتحضير ومناقشة الموازنة كما يعتبر اخصام باسيل عندما حاول وزير الخارجية اختزال الموازنة واختصارها بأرقامه ورؤيته الاقتصادية مما تسبب بالتباس طاول علاقة باسيل والقوات وشمل الاشتباك ايضا وزير المال علي حسن خليل.
وفق اوساط سياسية ليست الموازنة ولا تداخل القضاء والأمن اول الغيث ولا خاتمة الخلافات السياسية ومن يتحكم بالمفاصل الامنية والسياسية والقضائية في البلاد، ففي الموازنة تبين ان تأخير صدورده تعدى مسألة التباين حول الارقام ومحاولة تخفيض العجز للحصول على اموال سيدر حيث كان كباش الموازنة مسلسل عرض عضلات على مدى شهر كامل لكن مدته اطول بكثير وتمتد الى ما تبقى من سنوات العهد وما سيحصل من تجاذبات ايضا تحت عناوين كثيرة.
وفي اعتقاد كثيرين ان هناك تنافسا على الامساك بالقرار وادارة اللعبة السياسية وهو ما سيتكرر في اكثر من مناسبة ويمتد الى ثلاث سنوات لما يعرف بخلاف الرئيس ميشال عون في رئاسة الجمهورية، وعليه يصف كثيرون ما يحصل اليوم بأنه سباق بين الكتل السياسية والمرشحين لرئاسة الجمهورية يتصدرهم رئيس التيار الوطني الحر الذي فاز بأكبر كتلة مسيحية في مجلس النواب و11 وزيرا في الحكومة وله كلمة وقرار في ما حصل من تعيينات وما سيليها لاحقا. مما يجعله قادرا على المناورة في كل الملفات بدون ان يقيم وزنا للعلاقات الثابتة على الساحة المحلية فهو خاصم وليد جنبلاط في الانتخابات وعمل على تقوية اعدائه في المعارضة الدرزية ولم يصالح سليمان فرنجية من الانتخابات الرئاسية وانسحب الامر ايضا على الانتخابات النيابية ايضا، وحيث تهتز العلاقة مع سعد الحريري عندما تتعارض المصلحة السياسية.
بدون شك فإن ما يحصل في السياسة اليوم سيتم قطف ثماره بعد سنوات في انتخابات رئاسة الجمهورية وليس سرا ان وزير الخارجية يحاول في كل استحقاق ان ينتزع اوراق قوة لمعركته الرئاسية المقبلة وان يسحب البساط من تحت منافسيه سواء في بنشعي او معراب وسبق ان اشتكت القوات من تطويق باسيل لها في مرحلة تشكيل الحكومة كما يشكو وزراء القوات من مصادرة قراراتهم ومشاريعهم في الحكومة من قبل فريق التيار.
تنطلق حسابات باسيل للمرحلة السياسية من المعركة الرئاسية ضد منافسان اساسيان هما سليمان فرنجية وسمير جعجع، ولكل منهم اسلوبه في مقاربة ملف الانتخابات الرئاسية فسليمان فرنجية يتكل على وعد صادق من حارة حريك لم تكن ظروفه متوافرة في الانتخابات الماضية فيما يعتبر سمير جعجع ان ظروفه افضل من جبران باسيل اما رئيس التيار الوطني الحر فماض في المشاكسة واللعب بالخصوم والحلفاء حتى الساعة المنتظرو ، وحده حزب الله يبدو بمنأى عن طرق واساليب باسيل لانصراف الحزب الى ما هو أهم في المرحلة السياسية على ابواب التهديدات بالحرب والحملة التي يريدها حزب الله لاثبات قوته وحالته السياسية الجديدة.