IMLebanon

من اللقمة النظيفة إلى العقار النظيف

من اللقمة النظيفة إلى العقار النظيف

وزير المال قرَّر الدخول إلى المغارة

ما هو الفرق بين احتلال الأرض من قِبَل عدو، وسرقة الأرض من قِبَل محتال؟

وما هو الفرق في الجرم بين قتل مواطن بالرصاص أو طعناً، وبين قتله تسميماً بموادٍ غذائية فاسدة أو منتهية الصلاحية؟

لقد ثبت أنَّ اللبنانيّ يواجِه أنواعاً عدّة من الأعداء يعيشون بينه ويتغلغلون في الدوائر العقارية وبين واجهات السوبرماركت كما بين طاولات المطاعم:

في الدوائر العقارية هناك سرقة لأراضي الدولة ولأراضٍ خاصة. وفي المطاعم والسوبرماركت هناك تسميمٌ إلى حدِّ القتل للمستهلكين.

المواجهة باشرها وزير الصحة وائل أبو فاعور فأحدث صدمةً لدى الرأي العام وهلعاً لدى أصحاب المطاعم والسوبرماركت والملاحم، ليبدأ ما يمكن وصفه بحملة اللقمة النظيفة، نجح الوزير أبو فاعور، حتى الآن، في هذه الحملة، مدعوماً من رأيٍ عام وَثِق بخطواته، فلم يتطلَّع إلى الوراء، ويمكن القول إنَّ ما حقَّقه الوزير أبو فاعور في شهر، لم يتحقَّق في نصف قرن.

عدوى التطهير إنتقلت على ما يبدو إلى أكثر من وزارة وأكثر من إدارة، المكان الأبرز الذي وصلت إليه هو الدوائر العقارية التي في بعض المناطق تحوَّلت إلى ما يمكن إعتباره مغارة علي بابا والأربعمئة حرامي:

القصة انطلقت حين بدأت تصل إلى الوزير علي حسن خليل شكاوى عن ممارسات في الدوائر العقارية على عدّة مستويات، ومن أبرزها:

بين أملاك عامة عائدة للدولة لتُصبح أملاكاً خاصة.

التلاعب في قيمة التخمينات للأراضي وللشقق مقابل رشاوى طائلة.

الغشّ في أعمال مسح الأراضي.

الوزير علي حسن خليل المنهمك في الكثير من الملفات، خصوصاً أنَّه المعاون السياسي للرئيس نبيه بري، إتَّخذ القرار بالمواجهة فقرَّر طرق باب هذه المغارة ليتبيَّن له من بداية التحقيق أنَّ هناك أموراً في غاية الخطور، سواء على مستوى وضع اليد على الأملاك العامة أو على مستوى التلاعب بالتخمينات. كانت الدهشة الأولى أنَّ قرابة المليون متر مربَّع من الأملاك العامة للدولة قد إنتقلت إلى أملاك خاصة من طريق التلاعب والإحتيال وتزوير المستندات وتورط بعض المخاتير وبعض أمناء السجل العقاري في أكثر من منطقة.

لم يتوقف الغش عند هذا الحد، بل تعداه ليصل إلى التحكُّم بكلِّ العمليات العقارية:

هناك إطالة متعمدة جداً لإنجاز عمليات لا تستغرق وقتاً طويلاً، والسبب في ذلك يعود إلى أنَّ صاحب المعاملة لم يدفع الرشوة المطلوبة أو أنَّه تأخَّر في الدفع فعاقبه الموظف المسؤول بتأخير معاملته.

هناك معقِّبو المعاملات الذين يعملون بطريقةٍ غير مشروعة، والذين أصبحوا كالأرقام الصعبة في الدوائر، حيث لا إمكانية لإنجاز أيِّ معاملةٍ من دونهم.

كيف سيواجه وزير المال هذا الأخطبوط؟

من الإجراءات التي يعتزم القيام بها، طلب نفي ملكية لكلِّ العاملين في مجال المساحة والشؤون العقارية على مختلف مستوياتهم، لتطبيق ما يمكن تطبيقه من قانون الإثراء غير المشروع. إذا ما طُبِّق هذا القانون فكم من الرؤوس ستتدحرج؟

إنَّ أهم ما قام به الوزير علي حسن خليل حتى الآن، هو أنَّه بدأ وطَرَق باب المغارة، أما الأهم من البداية فهو الإستمرار، فهذا القطاع هو نفط لبنان الذي لا يحتاج إلى تنقيب، بل إلى إسترداد ما هو للدولة، لئلا يذهب إستخراج الثروات إلى الجيوب الخاصة.