وكأن لبنان ما فيه من أزمات لا يكفيه حتى تدخل الى الساحة أزمة جديدة بعنوان »التعديلات المطلوبة في قانون الانتخابات الجديد، القائم على النسبية.. فقد كشف اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة البحث في تطبيق هذا القانون، برئاسة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري (أول من أمس) مدىالانقسام في وجهات النظر حول مسألتي »الميغاسنتر« و»البطاقة الممغنطة«.
لم يخرج لبنان بعد من أزمة مرسوم دورة ضباط العام 1994، وما خلفته من تداعيات سلبية لم تكن متوقعة، في العلاقات بين الرئاستين الاولى والثانية، حتى دخل في أزمة جديدة، قد تهدد بمضاعفاتها اجراء الانتخابات النيابية المقبلة، حيث ان فريقاً أيد انشاء »الميغاسنتر«، بينما عارضه فريق آخر، بحجة »ضيق الوقت« والتباين، بل الانقسام نفسه، حصل بالنسبة الى »البطاقة الممغنطة..«، ولم يصل المجتمعون الى خلاصة او تفاهم او رأي، بل تمسك كل فريق برأيه، ما دفع الرئيس سعد الحريري الى رفع الجلسة من دون ان يحدد موعداً آخر..
يقول مصدر وزاري لـ»الشرق«، ان أخطر ما في المسألة، ان الوقت الفاصل عن موعد الانتخابات النيابية، في ايار المقبل، لا يسمح باقامة »الميغاسنتر«، لافتاً الى ان اللجنة انقسمت الى فريقين 4-4، فريق يؤكد استحالة انشاء »الميغاسنتر« وفريق يؤكد تمسكه بها.. هذا في وقت يجمع الافرقاء المعنيون – أقله في الظاهر – على وجوب اجراء الانتخابات في موعدها.
الخلافات هذه لم تكن بنت ساعتها.. ومنذ اقرار قانون الانتخاب الجديد، كان الجدل قائماً من دون أي تقدم الى ان وصلت الأمور الى ما وصلت اليه.. ولم يعد يفصلنا عن موعد الانتخابات سوى ثلاثة أشهر..
بالعودة الى محاضر جلسات اللجان المختصة، يتبين ان هذا التباين ليس وليد الساعة، وهو رافق ولادة القانون منذ لحظة اقراره، وقد استهلك كل هذا الوقت من دون الوصول الى نتيجة ايجابية، وعندما كان النقاش حول »الميغاسنتر« اختلف المعنيون على التسجيل، هل يكون مسبقاً أم غير مسبق: ودار »جدل بيزنطي« لم يصل الى نتيجة..
في رأي المصدر الوزاري اياه، ان المسؤولية في ذلك يتحملها الاطراف كافة.. مبدياً حذره من ان تكون ما آلت اليه التطورات، سبباً، او دافعاً، او تبريراً لارجاء الانتخابات.. خصوصاً وأن الوقت بات مداهماً وإعداد العدّة لذلك يتطلب وقتاً..
تصدر »تكتل التغيير والاصلاح« بشخص وزير الخارجية جبران باسيل المواجهة.. داخل اللجنة النيابية، كما وخلال ترؤسه اجتماع »تكتل التغيير والاصلاح« لافتاً الى »اننا مجبرون على ان نعدل القانون مهما حصل.. ولا نفتح باب نقاش جديدا على القانون الانتخابي أبداً.. وكلنا مسلمون بأننا لن نعدل القانون بلا اتفاق.. وسنعدل بدقيقتين في مجلس النواب وتنتهي القضية.. وغير ذلك، هو اخلال كبير في الاتفاق الذي حصل.. وضربة كبيرة للعملية الديموقراطية.. وسنواجهها..«؟!
الواضح ان المسألة ليست على هذه الدرجة من السهولة.. ولم يظهر حتى اليوم ان الحكومة بوارد انجاز البطاقة الممغنطة، او بتقديم مشروع قانون لتعديل ذلك، وإلا تكون حصلت مخالفة وفتحت الباب واسعاً أمام الطعن بنتائج الانتخابات، ان حصلت..؟!على ما تقول مصادر وزارية وقانونية مواكبة.. ومع هذا، فإن العديد من الافرقاء، ومن بينهم »التيار الحر« يؤكدون ان الانتخابات النيابية ستجري، وهي فوق كل المشكلات الحاصلة.. واذا ما تعذر اعتماد البطاقة البيومترية فعلى الحكومة اجراء تعديل..
لا يختلف اثنان على ان الوضع جراء مرسوم دورة ضباط 1994، وضع لبنان أمام خيارات بالغة التعقيد والصعوبة، مع تنامي الاشكالية بين الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري.. والحديث عن تعديلات في قانون الانتخابات بات أمراً لا يخلو من الصعوبات، بل من الاستحالة.. مع انسداد خطوط التواصل وتعثر محاولات التقريب بين بعبدا وعين التينة، حيث كان لافتاً تبرؤ »حزب الله« من هذا الدور ورميه في كنف الرئيس سعد الحريري – الذي أكد في اجتماع كتلة »المستقبل« (أول من أمس) أنه يقوم بدوره ومسؤولياته ازاء القضية الناشئة عن مرسوم الاقدمية لضباط دورة العام 1994 والاتصالات والمشاورات الجارية لوقف التجاذب السياسي والاعلامي بشأنه.. في نطاق ما يحدده الدستور وما تقتضيه الاعراف والاصول..« معلناً أنه »غير معني بما يشاع ويذاع عن وساطات ولقاءات واقتراحات تبقى من نسج مخيلات إعلامية وليس أكثر« خصوصاً وأن رئيس الجمهورية على قناعته بأنه لا يرى في صدور مرسوم الاقدمية، مرفقاً بتوقيعه هو كما وتوقيعي رئيس الحكومة ووزير الدفاع أي شائبة دستورية او مخالفة للاصول، بل على العكس من ذلك، لاسيما وان المرسوم لا يرتب اعباء مالية تستدعي توقيع وزير المال عليه، على ما يطلب الرئيس بري ويلح عليه.
خلافات الافرقاء على أبواب الانتخابات لم تبقَ محصورة بين عون وبري الذي قال ان الاصرار على التعديلات المطروحة يعني الاطاحة بالقانون – بل تمددت لتطاول الافرقاء كافة، بدليل ما يحصل في سائر اللجان النيابية، وفي الإعلام من مواقف هي أقرب الى تصفية الحسابات وتعزيز الخطابات الشعبوية؟! في وقت تتعزز فيه الاستفزازات الاسرائيلية المتكررة للبنان، دولة ومؤسسات وشعبا.