الوضع العام في لبنان في طريقه للانتقال من الأزمة الى المأزق. أخطر مظاهره الأساس الدستوري المتعلق بالشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكذلك المتعلق باجراء انتخابات نيابية وبرلمان جديد. ولا يزال في عمر الأزمة فسحة من الوقت تمتد الى تاريخ شهر حزيران/ يونيو ٢٠١٧، وهو تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي الممدد له. وليس في أفق الأزمة الحالي ما يشير الى امكانية ايجاد حلول داخلية الى مشكلة الشغور الرئاسي، لا اليوم ولا غداً ولا في الأفق المنظور، ما دامت المواقف السياسية لا تزال وستبقى على حالها دون أي تغيير. تقليدياً، تأتي الحلول الرئاسية في لبنان من الخارج: اقليمياً أو دولياً أو منهما معاً. وحتى بهذا المقياس لا توجد دلائل أو مؤشرات توحي بامكانية توافر توافق – أو حتى اهتمام – اقليمي أو دولي للمشكلة الرئاسية اللبنانية… ومن الناحية النظرية، واذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن مهمة انتخاب الرئيس ستُترك للمجلس النيابي الجديد المنتخب…
اذا كان انتخاب الرئيس سيصبح مشكلة آجلة، فإن الانتخابات النيابية هي استحقاق راهن ومتوجب منذ ما قبل نهاية ولاية آخر برلمان منتخب. والكتل النيابية لا تزال تدور في حلقة مفرغة عنوانها: دراسة وإقرار قانون انتخاب جديد. وستبقى تدور في هذه الدوامة الى أجل غير مسمى لسبب بسيط هو أن كل مجموعة من التكتلات السياسية الوازنة تريد تفصيل قانون انتخاب جديد على قياسها وليس على قياس لبنان المتعدد. واذا صدف وحدثت معجزة واتفقوا على قانون جديد، فإنهم سيختلفون مجدداً على أيهما أولاً، انتخاب الرئيس أولاً من قبل المجلس الحالي الممدد له، أم من قبل مجلس النواب الجديد المنتخب؟! واذا لم يتفقوا على القانون الجديد فإنهم سيواجهون خياراً من اثنين: إما تمديد جديد للبرلمان لمدة يتم التحايل لتبليعها للرأي العام، – على غرار ما جرى عفواً في مكب الناعمة – وإما اجراء الانتخابات على أساس قانون انتخاب الدوحة الملقب ب الستين!
اذا حدث ذلك، فسنحصل على برلمان جديد بتوازنات مستنسخة عن البرلمان الحالي، وستقوم تكتلات بأشكال جديدة، وسيطرح كل تكتل اسم مرشحه. ويتعذر على الطرفين تأمين الأكثرية لتغيب أحد الفريقين وعدم توفر النصاب ويواجه البرلمان الجديد عجزاً عن الانتخاب، ويستمر الشغور الرئاسي على ما هو عليه… وهكذا يبدأ عهد المأزق بعد انتهاء عهد الأزمة.