Site icon IMLebanon

من الحكومة إلى القصير… العبور إلى الجمهورية

 

 أن تَجمع سبعة وأربعين ألف عدّاء من تسعة وتسعين دولة عربية وأجنبية وتنجح في إشراكهم في « ماراثون بيروت 2016» أسهل بكثير من أن تَجمع رؤساء الكتل النيابية في لبنان وتنجح في تشكيل حكومة بالرغم من تسمية 112 نائباً للرئيس سعد الحريري. مسببات النجاح والاخفاق أكثر من واضحة. المشاركون في ماراثون بيروت لديهم مسار واحد لبلوغ هدف واحد هو خط الوصول، والوسيلة الوحيدة المتاحة هي المنافسة الشفافة. الكتل السياسية المشاركة في تأليف الحكومة لديها أكثر من خط انطلاق ومجموعة أهداف بل ومجموعة خطوط وصول، منها ما هو خدماتي أو انتخابي أو احتوائي كما أن بعض هذه الخطوط له طابع استعراضي ويتجاوز الحدود اللبنانية. أما اساليب الوصول فمتعرّجة تجمع الداخل اللبناني بالإقليم، وحدّث عنها ولا حرج…..

تبادر للبنانيين للوهلة الاولى، أنّ انتخاب رئيس الجمهورية بأكثرية واقعية من ثلاثة وثمانين نائباً سيخفف من الاعباء الملقاة على كاهل العهد الجديد تجاه مؤيديه، وسيقلّص من تبعات تأييد مصطنع، عادة ما يتم اللجوء اليه في حالة وجود مرشحٍ أوحد. تفاءَل اللبنانيون لأيام بامكانية تبلور معارضة واضحة للعهد تعيد اللعبة البرلمانية الى طبيعتها، وتلغي حكومات المحاصصة التي ألفناها. لكنّ ما حصل أنّ المعارضين لانتخاب الرئيس متهافتون على المشاركة في الحكومة أكثر من المؤيدين لإنجاح العهد كما يزعمون!!! أَن تُعارض رئيس الجمهورية ثم تتمسك بالانضمام الى فريق عمله لإنجاحه هي قاعدة ذهبية جديدة في السياسة تُضاف الى ما ابتكره السياسيون في لبنان في مجال المحاصصة الرشيدة!!!

تحدّيان جدّيان أمام العهد الجديد، الأول داخلي يتجلّى بمحاولات واضحة لإحتوائه ووضع اليد عليه، وتعبّر عنه سقوف المطالب المرتفعة لأكثر من فريق سياسي، وشروط اقصائية يضعها فريق على فريق آخر، بما يمثل تكريساً لموازين قوى داخل ما يسمى بحكومات الوحدة الوطنية التي ارساها التطبيق السوري لإتفاق الطائف، والتي أعاد تثبيتها اتفاق الدوحة. والتحدي الثاني خارجي، يعبّر عنه موروث سياسي ناتج عن اشتراك حزب الله بالحرب في سوريا وعن خطابه الاتهامي المرتفع بحق دول الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، مما أدى الى عزل لبنان عن محيطه العربي وانعكس سلباً على اقتصاده.

 لقد أكّد خطاب القسم على التمسك بالدستور، وعلى ضرورة تنفيذ اتفاق الطائف بكامله دون انتقائية او استنسابية، كما أكّد على الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية. التمسك بالدستور يعني في حالة تشكيل الحكومات عدم الرضوخ لمطالب الفرقاء، وعدم القبول بمساكنة بالقوة بين مكونات متناحرة ضمن الحكومة، بل احترام المادة 53 التي تؤكد على حصرية اصدار مرسوم تشكيل الحكومة برئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، واحترام المادة 64 التي تعتبر رئيس الحكومة مسؤولاً عن تنفيذ السياسة العامة للحكومة. كما أنّ الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية يعني اطلاق المبادرات لإعادة الحياة الى العلاقات اللبنانية العربية بما يؤكد على موقع لبنان العربي ومصالحه، وبما يتجاوز الرسائل التي أراد حزب الله توجيهها من خلال تسريب صور العرض العسكري الاستعراضي في القصير، مع التشديد على «الاستعراضي».

لقد ردّد الرئيس ميشال عون مراراً أنّه يريد الجمهورية ولا يريد الرئاسة. العبور الى الجمهورية له طريق واحد أحد، الدستور ثم الدستور ثم الدستور…….

*مدير المنتدى الإقليمي للدراسات والإستشارات