IMLebanon

من الجرود الى إدلب ودموع أمّ السجين  

 

لافتا كان ما صدر عن واشنطن، امس، من تحذير حول إدلب وتواجد «النصرة» فيها (هيئة تحرير الشام).

لافتاً كان في توقيته.

ولافتاً كان في مضمونه.

بداية ماذا في التحذير؟ لقد قال أكبر مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية عن السياسة في سوريا، وإسمه مايكل راتني «إن الهجوم الأخير الذي شنته هيئة تحرير الشام وتصدّرته جبهة النصرة سابقاً، التي كانت فرع تنظيم القاعدة في سوريا، عزز سيطرتها على المحافظة ويعرض شمال سوريا الى خطر كبير». وصف راتني هذا التطوّر بأنه «واحد من أكبر مآسي» تلك المنطقة.

هذا جزء من المضمون، أما في التوقيت فالأمر اللافت جداً توافقه مع وصول ارهابيي النصرة القادمين من لبنان بموجب الصفقة  التي عقدت في جرود عرسال، الى إدلب وبرفقتهم نحو سبعة آلاف من عائلاتهم ومن متضامنين معهم.

ويرى المراقبون «ان سيطرة المتطرفين على إدلب ستجعل المحافظة هدفاً لهجمات لا تتوقف، تشنها قوات روسية وقوات الجيش السوري فتدمرها، لتتحول الى حلب ثانية أو الى موصل أخرى».

ويبلغ التحذير ذروته بقول مايكل راتني ما حرفيته: «يجب أن يعلم الجميع، أن (أبو محمد) الجولاني (زعيم النصرة) وعصابته هم المسؤولون عن العواقب الوخيمة التي ستحل بإدلب»… وإن واشنطن ستتعامل مع هذا التنظيم «على انه جزء من تنظيم القاعدة»(…).

وهذا الكلام ينذر بأنّ إدلب التي حافظت على حد من الإستقرار حتى الآن، وتحوّلت الى «واحة» للمعارضين، وهي المحافظة الوحيدة الخارجة «بالكامل» عن سيطرة النظام السوري، وكانت سابقاً في مرمى القصف المتواصل من القوات الروسية والنظام أيضاً… بأنها باتت «مكشوفة» أمام الإئتلاف من جهة وروسيا والنظام من جهة ثانية، وحتى أمام تركيا من جهة ثالثة.

وعلى هامش هذا الإنذار اللافت في المضمون والتوقيت فرضت بعض الإستنتاجات ذاتها:

أولاً – لم تكن مصادفة أن استثناء النصرة من التوصيف الإرهابي لم يستمر طويلاً، وبالتالي أعيدت إليها صفة الإرهاب على مستوى الأمم المتحدة والدول الأوروبية والغربية ودول الخليج العربي وبالذات اللائحة التي أعدتها المملكة العربية السعودية (…) ولم تنجح النصرة في تبديل اسمها الى «هيئة تحرير الشام» بتعديل النظرة اليها، فبقيت في نظر الجميع بمثابة «القاعدة في بلاد الشام».

ثانياً – إن قرار تصفية داعش مرفق حتماً بقرار تصفية النصرة.

ثالثاً – إن نقل مقاتلي النصرة من لبنان الى إدلب (المقر الأخير) هو مقدمة لعملية تشبه عملية الموصل إن بالنسبة الى مصير المقاتلين أو بالنسبة الى ما سيلحق بمحافظة إدلب (بأسف شديد) من دمار!

ولقد استوقفتني دموع والدة ذلك اللبناني الذي أصرت النصرة على إطلاقه من سجن رومية واصطحبته معها الى إدلب، أي الى المجهول – المعلوم.

وقلب الأم دليلها.