Site icon IMLebanon

من مجلس النواب… الحكومة تُطالب بـ «استعادة الثقة»

رغم أنّ مهمّة الحكومة الجديدة التي اختارت لها شعار «إستعادة الثقة» قصيرة الأمد، لكنّ جلسة منحِها الثقة تَطلّبت نقاشات ومداخلات طويلة الأمد، فلم تلتزم الكتَل الاتّفاقَ على الاكتفاء بكلمة لنائب واحد يمثّلها، فتمَّ اعتماد الكلام المطوّل في الجلستين الصباحية والمسائية، على أن تعقد جلسة نهائية قبل ظهر اليوم للاستماع الى رد ّالحكومة على مداخلات النواب والتصويت على الثقة.

«أحسَنت الحكومة الجديدة خيارَها «استعادة الثقة» كشعار تطلِقه لأدائها المستقبلي»، هذا كان تعليق غالبية النواب الذين توافدوا لمنحِها الثقة، لكنّهم أجمَعوا على أنّ «استعادة الثقة لن تكتملَ، وستبقى شعاراً على ورق إن لم تترجَم أفعالاً من خلال أدائها في المستقبل لتتمكّن فعلياً من استعادة الثقة من المواطن اللبناني قبل ثقةِ النواب، المواطنِ الذي وعِد من الحكومات السابقة، ولم ينَل مِن حقوقه سوى شعارات توارثَتها الحكومات المتتالية».

الطقس الماطر لم يمنع النواب من التوافد إلى ساحة النجمة. وعند دخولهم القاعة العامة سُجّلت تجمّعات جانبية لعددٍ منهم للتشاور حول بنود البيان الوزاري الذي فاجأ معظمَهم، حتى إنّ عدداً منهم استغرب تحفّظَ بعضِ الأطراف على بنود كثيرة كان قد اتّفِق عليها خلال مباحثات مسوّدة البيان فلم يأتِ البيان الوزاري على ذكرها، أبرزُها: سلسلة الرتب والرواتب، الاتّفاق على قانون للانتخاب نسبي ومعدّل، الإنماء المتوازن، ومعضلة السير.

فيما اعتبَر البعض أنّ البيان كان عبارةً عن كلام إنشائي يكتنفه الغموض وفيه تنازُل عن السيادة، خصوصاً في عبارة «حق المقاومة للّبنانيين» الذي من المفترض أن يكون للدولة دون سواها، لكي لا يصبح هناك «لبنان» خاصٌّ لكلّ فئة في الوطن.

برّي: على «طريقة طرزان»

الجلسة بدأت هادئة حتى تلاوةِ البيان الوزاري قبل أن يستهلّ الرئيس نبيه برّي الكلام طالباً من النواب والإعلاميين تعديلَ بعض الفقرات فيه، التي سَقطت سهواً بسبب أخطاء مطبعية، فساد الهرج والمرج والتساؤل.

التعديل جاء في فقرتين: الأولى «تلتزم الحكومة تسريعَ الإجراءات بدورة التراخيص للتنقيب عن النفط واستخراجه… خصوصاً في المناطق المتنازَع عليها مع العدوّ الإسرائيلي، لتُشطب عبارة «المناطق المتنازع عليها مع العدوّ الإسرائيلي» ويُدرَج مكانها «المنطقة الاقتصادية الخاصة».

أمّا الأبرز فكان زيادة فقرة كاملة متعلّقة بالتزام الدولة بالمحكمة الدولية التي لم تُذكَر في البيان الأوّل الموزّع، ليتهامسَ النواب في ما بينهم عن أسباب هذا التغيير الفجائي.

وقبل لحظات على بدء جلسة الثقة، و«على طريقة طرزان» بحسب تعبير برّي كانت المداخلات والتعليقات التي أشبَع النائب سيرج طورسركيسيان الحاضرين بها، فلم ينجُ من تعليقات برّي الذي حذّره من إخراجه من الجلسة. ليجيب الأخير ممازحاً بأنّ قرار إخراجه يَستلزم قراراً جماعياً من هيئة المكتب.

وعلى طريقة «طرزان» أيضاً تحدّثَ النائب خالد الضاهر، وبرغمِ إشادته ببعض بنود البيان، لكنّ تعليقاته على تغييب الإنماء المتوازن والإجحاف الذي طاولَ منطقة عكار، جَعلت النائبَ رياض رحال يعلّق بالقول: «مشكلتك خرمان على وزارة». الأمر الذي استفزَّ الضاهر فردّ على رحّال بعبارات نابية وشتائم لم يتوقّف عن إطلاقها حتى بعد انتهائه مِن إلقاء مداخلته، لولا تدخُّل بعض النواب.

كلّ هذا أمام عيون النواب الذين تكلّم باسمِهم بري، مطالباً بشطبِ العبارات النابية من المحضر، في وقتٍ لوحظ التجهّم على وجه الرئيس سعد الحريري الذي آثرَ الصمتَ والمراقبة طوال الفترة الصباحية واكتفى بالاستماع إلى مداخلات النواب من دون التعليق.

النواب أجمعوا على تداعيات الفراغ الرئاسي والحكومي على المواطنين والبلد، فيما لاقت كلمة النائب سمير الجسر الذي تحدّثَ باسمِ كتلة «المستقبل» استحساناً من الجميع، لا سيّما برّي الذي أثنى عليها، معتبراً أنّها خريطة طريق، ومِن الذكاء الاستفادة من مضمونها، فشَكره الجسر على إطرائه معتبراً أنّه يَعتزّ بشهادته.

لكنّ الهرج والمرج سادا عندما قرَّر بري الاستماعَ إلى جميع النواب طالبي الكلام، مطالباً النائب أنطوان زهرا بالبدء، إلّا أنّ نواب تكتّل «التغيير والإصلاح» اعترضوا، مذكّرين بالاتفاق على أن تلتزم كلّ كتلة باسمِ نائب واحد يتكلّم عنها.

إلّا أنّ الاتفاق لم يترجَم عملياً لأنّ الكثيرين آثَروا الكلام، فتحدَّث كلّ مِن النواب: الجسر، زهرا، فريد الخازن، جوزف معلوف، الضاهر، سيمون ابي رميا، ابراهيم كنعان، نعمة الله ابي نصر، علي عمار ومروان فارس…

أبرز ما شوهِد في الجلسة

كانت لافتةً مبادرة النائب علي عمّار بعد انتهائه من إلقاء كلمته، التوجّه نحو مقعد النائب جورج عدوان، ليس فقط لإلقاء التحية إنما لإجراء حديث جانبي معه.

إنشغلَ وزراء «التيار الوطني الحر» الجُدد بتبادلِ النقاش الجانبي على المنصّة الوزارية، لا سيّما الوزيرين سيزار ابي خليل ونقولا تويني.

غياب ملحوظ لوزير الخارجية جبران باسيل الذي حين ذكرَه ونوَّه النائب نعمة الله أبي نصر بجهوده الخارجية، صفّقَ نواب كتلة «المستقبل» ضاحكين لا سيّما الجالسين في المقاعد الخلفية ومن بينهم النائب سيرج طورسركيسيان، ليعلّقَ البعض على تصرّفهم بعبارة (فرقة الشغب).

إنشغلَ وزير الداخلية نهاد المشنوق مطوّلاً بهاتفه الذي لم يفارقه لحظة.

الوزيرة عناية عز الدين التي لم تفارقها البسمة انشغلَت هي أيضاً بهاتفها.

إنسحبَ وزير الإعلام ملحم الرياشي قبل انتهاء الجلسة الصباحية.

أبرز اعتراضات النوّاب:

عدم إدراج بنود أساسية في البيان الوزاري أهمّها: سلسلة الرتب والرواتب، معضلة السير، مطالبة بإنشاء محافظات في كسروان، إجحاف في بعض القضايا المحقّة والقضايا الأساسية للمواطنين، الإنماء المتوازن… خطة متكاملة للنقل العام بعدما أصبَح عدد السيارات في لبنان أكثرَ مِن شعبه. خطة عمل لعودة النازحين لا سيّما عدد الولادات الخطيرة والتي لم تدرَج على جداول القيود.

بين التصويت على الثقة واستعادة الثقة بالسلطة الحاكمة، عانى اللبنانيون كلّ المصاعب طوال الفترة الماضية، لذلك تبقى العبرة في التنفيذ.