Site icon IMLebanon

من عِبّ «الكتائب» الى جَيبة «القوات»

 

قد تكون المرّة الأولى التي تخوض فيها «القوات» الاستحقاق النيابي في دائرة المتن الشمالي بقلب قوي. تكاد ملعقة الفوز تقترب من حلقها. لا يهمّ من هو صاحب الحظ السعيد أو من هي صاحبة «الحظ الأنيق»، أو كيف سيتحقق الفوز أو على يد من سيتحقق. المهم إيجاد موطىء قدم في قلب المتن الشمالي، ومن خلفه العمق المسيحي بما تمثّله هذه الدائرة من تنوع سياسي لطالما عبّر عن وجدان المسيحيين.

تحاول معراب إقناع جمهورها أنّ الحاصل الانتخابي لم يعد بعيد المتناول، وصار في إمكانها التصرّف على أساس أنّ نائباً متنياً سينضمّ الى التكتل «القواتي» بعد السابع من أيار.

العين على مربّع جبل لبنان الذي تسعى «القوات» بكل ما أوتيت من أصوات تفضيلية قادرة على تأمينها من مخزونها الذاتي أو بتدخّل الأصدقاء، الى الوقوف على أرضه لتثبّت زعامة سمير جعجع المسيحية. من دون الجبل، ستبقى الزعامة مشوبة بالنقص. هو العمود الفقري ومنه ينطلق الى كل لبنان.

لهذا، فتحت معراب أبوابها لمستقلّين غرقوا في متاهة قانون الانتخابات وقواعده الجديدة، فاستعانت بهم لكي يسدّوا النقص في حاصلها، إعتقاداً منهم أنّهم يملكون فرصاً متساوية ليكون أحدهم «فلتة الشوط» ولو كان في رصيده صوتان تفضيليان لا أكثر، اذا ما تقاتل «موارنة» الدائرة وشَنّوا حروب إلغاء في حق بعضهم البعض، كما يحصل راهناً.

ماجد ادي أبي اللمع هو المرشّح الحزبي الوحيد على اللائحة، ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ تأمين الحاصل سيحمله، أخيراً، الى مجلس النواب. ميشال مكتف يعتقد الأمر نفسه، وبأنّ المقعد الكاثوليكي في المتن هو الحلقة الأضعف، لذا سيؤول إليه نتيجة «حروب الموارنة».

الأكيد أنّ معراب «ضحكت في عبّها» حين هجرت الى لوائحها «طيور» الترشيحات الكتائبية هرباً من «الوحدة» والسقوط المحتّم على متن «لوائح المخاطرة». هي تعرف جيداً أنّ التقاء مرشحي الصيفي ومعراب يزيد من حاصلها لا العكس، الأمر الذي يخشاه النائب سامي الجميّل وقد حاول كثيراً مقاومة هذه الكأس المرة، لكنه في النهاية استسلم لضغط النواب الذين جرّوه الى لوائح معراب أمراً واقعاً لا مفر منه، بعدما سُدّت أمامهم الطرق والمنافذ بفعل سياسة الحزب «الرفضية».

لا داعي للإشارة إلى أنّ الحزبيْن – التوأمين، يقضمان من الطبق ذاته. مدرسة سياسية واحدة وألف باء مشتركة. مهما باعدت بينهما مصالح القيادتين، فهما يتقاطعان في كثير من القواعد الشعبية، فيما التقارب بينهما يعطي «الأقوى» فرصة جديدة للقضم أكثر من أمام شريكه المُضارِب. وعادة ما يظهر سمير جعجع نفسه بالأقوى والأكثر تنظيماً والأكثر قدرة على جذب المُريدين.

قد تصحّ هذه المعادلة في كل لبنان، إلّا في المتن حيث العمق الكتائبي. كان الاعتقاد سائداً أنّ الصيفي حَصّنت نفسها من أيّ اختراق من جانب الحلفاء قبل الخصوم، ولذا رفضت كل مشاريع التفاهمات التي تأتي بـ»الدببة الى كرمها»، فتمسّكت بخيار لائحة وحده سامي الجميّل نجمها فيما البقية تتنافس على «فتات» الأصوات التفضيلية مُتّكلة على لعبة الحظ التي اذا دارت لمصلحة اللائحة، قد تعطيها حاصلاً ثانياً، لن يعرف مصيره إلّا عند إقفال صناديق الاقتراع.

ولكن على مشارف يوم الاستحقاق، يقول أحد المتابيعن إنّ المشهدية تزيد من ثقة «القوات» بنفسها، على حساب الحاصل الكتائبي لا غيره. إذ انّ ثبات معراب على موقفها السياسي، كما الانتخابي، مقارنة بتقلّب الصيفي بين معارضة القوى السلطوية ومن ثمّ التحالف مع أحد أركانها، عَزّز من حضور اللائحة «القواتية» على حساب اللائحة الكتائبية لا غيرها.

أضف الى أنّ «القوات» تتمتع بقدرات خدماتية يؤمّنها حضورها الحكومي، الأمر غير المُتاح كتائبياً، فيما ميشال مكتف يشكّل خرقاً «عائلياً» في صفوف الصيفي نظراً لشبكة العلاقات التي يتمتع بها بين قواعد الشهيد بيار الجميّل. حتى الخطاب الشبابي الذي اعتقد النائب الجميّل أنه يملك حصريّته، حَرص جعجع على أن تكون سِمة لائحته المتنية شبابية أيضاً.

في النتيجة، يواجه سامي الجميّل خصومه التقليديين في المتن، وخصومة ذوي القربى السياسية، وكلما تمكنت معراب من جمع صوت تفضيلي جديد، كانت الصيفي هي التي تدفع الثمن من جيبها.

أكثر من ذلك، تمنح الإحصاءات حزب الكتائب في المتن، أكثر من حاصل. ليس بمقدوره أو بمقدور غيره تحديد كمية الأصوات التي ستفيض عن الحاصل.

في تقديرات سامي الجميّل أنه سينال الكسر الأكبر فيضمّ النائب الثاني الى كتلته، فيما «التيار الوطني الحر» يتصرّف أيضاً على هذا الأساس، وبأنّ الكسر الأكبر سيكون من حصته، وبالتالي سينال نائباً بمثابة هدية لدى الفرز. وإذا ما فعلها العونيون سيكون الجميّل في صَدد رَمي آلاف الأصوات في سلة المهملات، وسيُجيّر الفوز حكماً لمصلحة السلطة التي يدّعي محاربتها!