IMLebanon

من جمهورية الطوائف والطائف  الى جمهورية المواطنة الثانية

على الرغم من حالة المراوحة والجمود في الوسط السياسي، والدوران حول الأزمات دون التوغل لحلّها، فان المسار الداخلي اللبناني يتخذ منحى مختلفا عن مسار أزمات المنطقة. وبمقارنة سريعة يظهر بوضوح أن أزمات المنطقة تدخل مرحلة من التعقيد والغموض، بينما يتجه لبنان نحو الحلحلة والخروج من أزماته. وطبيعة الأزمة في المنطقة هي دماء ودمار وتقسيم وتفتيت، في حين أن طبيعة تراكم الأزمات في لبنان تتخذ طابع الخروج من الانقسام الى التوحيد، ومن الفوضى الى النظام، ومن الفساد الى الاصلاح. وهذه خطوات تمهيدية في مسار طويل قد يقود الى بناء دولة تقوم على المواطنة وتكون هي الجمهورية الثانية الفعلية، بعد انتهاء مرحلة التجارب الفاشلة في الجمهورية الأولى، بدءا من الطائفية ووصولا الى الطائف!

***

الأسابيع القليلة المقبلة هي زمن حاسم في تاريخ لبنان المعاصر. ذلك أن الطبقة السياسية بدأت تقترب من تعديل اقتناعاتها الموروثة، وتبتعد عما كانت تعتبره ثوابت في زمن صعود مشاعر الطوائف وغرائز المذهبية. صحيح انها تفعل ذلك اليوم ببطء، وأحيانا بطريقة خطوتين الى الوراء وخطوة الى الأمام، ولكن مع ذلك فإن العديد من مكونات الوطن بدأ يعكس هذا الأسلوب، ويسير بطريقة خطوتين الى الأمام وخطوة الى الوراء، مما يعني حتمية مسار التقدم على مسار التراجع.

***

من مظاهر ذلك، تعديل الاقتناعات لدى بعض المكونات السياسية حول فكرة النظام النسبي لقانون الانتخاب بدلا من النظام الأكثري المتوارث. ولعل الأمر لا يزال يحتاج الى – دفشة صغيرة أو كبيرة – لقيام توافق بين غالبية من المكونات الوطنية لاعتماد قانون يقوم في جوهره الحقيقي والحاسم على نسبية تحقق عدالة سياسية في التمثيل الشعبي. واذا قطع السياسيون هذه الخطوات الأخيرة بنجاح، فيمكن التفاؤل لاحقا ومستقبلا بخطوات أخرى نحو دولة المواطنة، والانتقال من جمهورية الطائفية والطائف، الى الجمهورية الثانية الثابتة، أي جمهورية المواطنة.