Site icon IMLebanon

من قمّة الرياض الى قمّة «ضهر القضيب»

هل نعتب على قمة الرياض وعلى استهداف رئيس لبنان بوابل من العكاظيات، ولا نعتب على أنفسنا وقد جعلنا هذا اللبنان يرقص كسيحاً على حافة الهاوية؟

ألم يكن ذلك اللبنان يرقص «رقصة السيف» على قمة «ضهر القضيب»(1) وقد انحدر الى سفح «القرنة السوداء» فغاب عن أنظار العالم وغيّب نفسه عن المراصد الدولية لجغرافية الأرض والفلك.

مهما يكن من أمر فإن لبنان وطنٌ قبل أن يكون رئيساً، وأن هذا اللبنان كان الوطن الثاني للأشقاء السعوديين والمحجّ الأخوي والعربي الأقرب لهم، وسيبقى.

نحن في أيّ حال لا نعلّق كثير الإهتمام على مؤتمرات القمم العربية والإسلامية، لأننا منذ أن وصف الشاعر السوري عمر أبو ريشة مؤتمر القمة العربي في المغرب بأنه داعمٌ للعار، خلال مهرجان تكريم الشاعر الأخطل الصغير في الأونيسكو سنة 1961، فكان أحد أبياته الشهيرة:

خافوا على العارِ أن يُمْحى فكانَ لهُمْ على «الرباط» لدعمِ العارِ مؤتمرُ.

منذ ذلك الحين، أصبح اللبنانيون يستخفون بمؤْتمرات القمم، ليس لأن الشعر يفعل فيهم كالسحر، بل لأن شيطان الشاعر يختلف عن سائر الشياطين بالإلهام التنبؤي، وقد صحَّتْ تنبُّؤاته حين كان لبنان يرقص مذبوحاً من الأَلم تحت شراسة القصف العربي والرصاص العربي، ولم تكن بيانات مؤتمرات القمم العربية إلاّ نوعاً من القصائد اليتيمة وأبياتاً من الشعر الهجائي أو التكسبي.

نحن، قبل أن نعتب على الأشقاء العرب، ونضطر الى مواجهتهم بالتقاليد العربية ذاتها: «رُدَّ الحجر من حيث جاءك…» فإننا نعرف أن تجارب التاريخ أثبتت لنا، أن كل القمم العربية والإسلامية والناطحات الدولية لا تستطيع أن ترفع لبنان الى مستوى القمم إلا إذا كان هو قِـمَّة.

ونعرف أيضاً دونما مكابرة، أَننا تعرَّضنا لعصر جيوليوجي سياسي تحولت فيه الجبال الى أودية وارتفعت الأودية بواسطة المطامر الى مستوى الجبال.

وعبثاً كل هذه البهلوانيات التافهة التي يرتكبها الطقم السياسي المريض والتي تجعل لبنان في حالة كسوفٍ أمام أضواء العالم الساطعة.

قد نتفاءل بالمسكنات الآنية، وبالإفطار الرئاسي الذي يتشارك فيه أهل الحكم والسياسة الرغيف الوطني الواحد حول طاولة رمضانية، لعل الرحمة ترشف منها الى طاولة حوارية لا ينأى فيها فريق هذه المرة عن التضحية بالأغلى من أجل إنقاذ لبنان من الأعماق السحيقة.

لأنه… إذا لم يهيّء الله للبنان من ينتشله من سفح «القرنة السوداء» الى قمة «ضهر القضيب» فسيظلّ سوق عكاظ يردّد قول الشاعر أبو القاسم الشابي:

ومَنْ يتهيّبْ صعودَ الجبالِ يعِشْ أبَدَ الدهرِ بين الحُفَرْ.

1- «ضهر القضيب» «والقرنة السوداء» قمتان من قمم جبل المكمل الى جانب غابة الأرز في شمال لبنان.