Site icon IMLebanon

من لسان إلى لسان… وقعتِ ضحية الشَمَتَان!

 

«الرجّال حرف ناقص!»، «أكيد رجّال عَم بِسوق!»، «الرجّال مصيره الطبيخ ولو وَصَّل عالمرّيخ!»، «حدا بردّ على رجّال؟!»، «طاعة الرجّال ندامة»، «جمال المرا بعَقلا وعقل الرجّال بجمالو»، «شِغل البيت للرجّال»، «حدا بقلّك رجّال». هذه الأقوال تماهت مع مجتمعنا واستأثرَت بعقله وقلبه. وضَعها الرَجل وتشرّبتها المرأة، حتّى إنّها صارت تُردّدها من دون أن تدرك خطورتها، فتَرْجُمُ نفسَها بها أو غيرَها من النساء. وباتت هذه الأقوال جزءاً من الذهنية وغَرَزت «شلوشُها» في الفكر الجماعي إلى حدّ أنّ بعض النساء لا يتفاجأن أو يَشعرن بالإهانة لسماعِها، بل يُعلّمن فحواها لصبيانهنّ وبناتهنّ، ولكن… ليس بهذه الصيغة، بل باستبدال كلمة «رجّال» بـ «مرا»!

«بتِقبلها على حالك؟»، سؤال تطرحه الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية. هي تطلِق حملةً تحت عنوان «صار وقت نغيّر الذهنية» بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكّان، «لإبراز الإساءة تجاه النساء والفتيات في بعض الأقوال الشعبية التي تحمل صورةً دونية للمرأة، وتؤثّر سلباً في الثقافة السائدة، ممّا يُدعِّم التمييزَ ضدّ الإناث ويُبرّر ممارسة العنف عليهن».

التطبيع مع العنف

تؤكّد رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز لـ«الجمهورية» أنّ ثقافتَنا «تجعل العنفَ ضدّ النساء طبيعي وعادي». وتضيف: «قرّرنا أن نتناولَ الأقوال التي يردّدها المجتمع للتحدّث عن النساء واستعملناها للرَجل.

اعتمدنا هذه الطريقة لكي لا نزيدَ بنشرِها -كما تُقال عن النساء- من تأثيرها السلبي في نفوس الرجال والأطفال، ولأنّ تردادَها على مسامع الأطفال من خلال الإعلام سيَجعلهم يتشرّبونها، فتبقى في ذهنهم، بينما هدفُنا تغيير الذهنية وعدم تشريبِ الجيل الجديد هذه الجملَ الراسخة أصلاً في المجتمع». وتصف عون روكز طابَع الحملة بالـ«فكاهي».

تشير هذه الأقوال الشعبية والعديدُ غيرُها إلى أنّ المرأة لطالما كانت محطّ ازدراء المجتمع. تُطلَق الأحكام المسبَقة عليها فقط بسبب جنسِها، وتُترجَم إلى أقوال مُتناقلة تُرسّخ صورتها النمطية أكثر فأكثر عبر العصور والأجيال.

هذه الصور الموروثة تسجنها في قالب لا يتخطّى حدود بيتها وترسمها فاشلةً وغيرَ مجديةٍ سوى لأعمال البيت وتربيةِ أطفالها داخله. أيضاً، تشجّع العنفَ ضدّها في العقل الباطني والواقع الأليم، وتزيد الكراهية نحوها، وتشكّل جزءاً من منظومة التمييز المطبِقة على خناقها منذ عصور.

تغيير الواقع

كلّ تمييز ضدّ المرأة يولّد شكلاً من أشكال العنف المصوَّب نحوها منذ الأزل، وقد لا يكفي القضاء على الأقوال الشعبية المسيئة إليها والمنتشرة على كلّ شفة ولسان، لحمايتها وردع الظلمِ عنها. فالأفكار النمطية والأحكام المسبَقة المبنية على الجنس يَصعب محوُها وتمرير أفكارٍ تُعارضها.

تُشدّد عون روكز في هذا السياق على أنّ «الواقع لا يتغيّر إلّا بتطبيق القانون، فغيرُ القادرِ على تغيير عقليته ونفسيته يجب أن يُطبَّق عليه القانون وبالقوّة».

وبينما لايزال البعض مصِرّاً اليوم على نقل رؤيةٍ تقليدية وقديمة للعائلة ولأدوار النساء والرجال في المجتمع، حيث تُحدَّد مهمّة النساء والفتيات بالأعمال المنزلية ويُنتظر منهنّ خدمةُ الرجال مِن أخٍ وأبٍ وزوج… توضح: «صورة المرأة في لبنان تختلف حسبَ المناطق.

فقد لمستُ أنّ أطفال مناطق معيّنة يؤكّدون أنّ الأمّ والأب متساويان وأنّ الوالدة تعمل مِثل زوجها، بينما يرى أطفال مناطق أخرى أنّ دور الأمّ يَكمن في الطبخ داخل البيت، في حين يذهب الأب إلى العمل».

وتختم عون روكز: «تتطلّب الذهنية في لبنان والكثيرِ من دول العالم عملاً جبّاراً لتتغيَّر، وللمرأة دورٌ كبير تؤدّيه في هذا الإطار، خصوصاً من خلال التربية وعدمِ تمييز البنات عن الصبيان». وتؤكّد: «حملتُنا لا تستهدف الرجال فقط إنّما أيضاً النساء اللواتي يربّين أولادهنّ على هذه الأفكار. فالفتاة ليست أقلَّ من الصبي».