في تقدير وزير بارز أنّ الإنتخابات النيابية ستُجرى قبل الإنتخابات الرئاسية، ليس لأنها تتقدم عليها بل لأنّ الرئاسية غير واردة في المستقبل المنظور، وبالتالي سيحل موعد النيابية في الربيع المقبل من دون أن تكون عقدة الرئاسة الأولى قد حُلت وعليه فإنّ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي أشرف (بنجاح كبير معترف به عموماً) على الإنتخابات البلدية سيشرف ايضاً على إجراء الإنتخابات النيابية، لأنّ الحكومة باقية في موقعها لتعذر تبديلها في الظرف الراهن سياسياً وقانونياً على حد سواء.
وإذا إستمر الوضع على هذا المنوال الى ذلك الحين فسيكون لبنان أمام وضع دستوري غير مسبوق لأن الحكومة تصبح مستقيلة حكماً بعد الإنتخابات النيابية، وسيتعذر تشكيل حكومة بديل في غياب الرئيس الذي يجري الإستشارات ويصدر مراسيم قبول الإستقالة وتكليف رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة… خصوصاً وان هناك إجماعاً على أن اي تمديد ثالث لهذا المجلس النيابي بات مستحيلاً أياً كانت الظروف والمعطيات… علماً أن الوزير نهاد المشنوق أعلن عن إستعداد وزارته الكامل لإجراء هذه الانتخابات.
وفي المعلومات المتوافرة انه ليس صحيحاً أنّ الدول الإقليمية والدولية غير معنية بالمسألة الرئاسية، وان الأمر متروك للداخل اللبناني ليقبّع الشوك الرئاسي بيديه. وأصحاب الرأي القائل بعدم التدخل الخارجي يبرّرون قولهم هذا بأنه لو كان ثمة تدخل خارجي فعلي لكان للبنان رئيس في قصر بعبدا «من زمان». إلاّ أن الوجه الآخر لهذه العملة هو الآتي: لأنّ الخارج لم يُفرج بعد عن الإستحقاق الرئاسي فلا إنتخابات رئاسية ولا من ينتخبون بالرغم من أن أربعين جلسة قد تعذر عقدها حتى الآن. والإنتخابية الحادية والأربعون لن تكون بأفضل من سابقاتها بعد أكثر من أسبوعين.
ولكن هذا الفراغ المتمادي وهذا الإنتظار الطويل من يضمن انهما واقعان تحت مظلّة «حماية دولية» تستمر الى الأبد، فلا تُسجل خروقات أمنية كبيرة؟!.
الجواب، كما يقول الوزير البارز ذاته الذي استهللنا به هذا الكلام، أنّ أحداً لا يضمن شيئاً. ويضيف: صحيح أنّ للبنان حظوة قد لا تكون نابعة من ذاته بل من حاجة الخارج الى إستقراره في هذه المرحلة. ولكنّ هذه الحظوة ليست «شك على بياض، والى الأبد». ثم إن الفكر الإرهابي والمخططات التي تستهدف لبنان لا يستأذن اصحابها أحداً لينفّذوا ما يضمرون من شر لهذا البلد. وإن الفضل، حالياً، في عدم تنفيذ مثل هذه المخططات الإرهابية يعود الى الأجهزة العسكرية والأمنية والتعاون القائم بين هذه الأجهزة ودور «المايسترو» الذي يؤديه بامتياز نهاد المشنوق في هذا السياق… إلاّ أن هذا لا يعني أنّ الخروقات غير واردة.
ولقد يكون مطلوباً من الحكومة أن تغادر خانة الملفات الخلافية التي تكربجها فتشل أعمالها، وأن تلتفت الى قضايا الناس اليومية ولعلّ الداهم منها، حالياً، مسألة النفايات التي عادت لتضرب بقوّة… وأما مسألة الغلاء الذي كشّر غولها عن أنيابه مع حلول اليوم الأول لشهر رمضان، فهذا ما يستوجب حراكاً سريعاً من وزارة الإقتصاد وسواها من الهيئات المعنية كي يتمكن الناس من… صحن الفتوش في افطار الصائمين.